بدأت تتضح معالم السياسة السعودية والإماراتية في اليمن شيئًا فشيئًا، وبدأت شعرة معاوية تهتز بين الحوثيين والجانب السعودي، وبات الجميع يدرك أن المحافظة على هذه الشعرة هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في اليمن الذي لم يكن يومًا صراعًا عسكريًا بالمعنى الحقيقي، وإنما كان صراعًا سياسيًا استطاعت المملكة العربية السعودية من خلاله فرض سياستها وضمان أمنها الإقليمي من خلال تحالفات وتشكيل قوات عسكرية موالية لها بشكل مطلق.
تحدثنا في أكثر من مقال أن المملكة العربية السعودية لا يمكن أن تغامر في أي عملية عسكرية ضد الحوثيين في ظل المتغيرات التي يشهدها الإقليم وبروز الحوثيين كقوة إقليمية لها مكانتها العسكرية في المنطقة، بغض النظر عن قوة الحوثيين الحقيقية.
لا ننسى أيضًا أن بقاء الشمال متماسكًا طيلة السنوات الماضية هو ما شجع المملكة العربية السعودية على طرح خطة السلام مع الحوثيين، فمن غير المعقول أن يصمد الحوثيون كل هذه السنوات أمام الحصار الاقتصادي والسياسي والضربات الأمريكية الإسرائيلية إذا لم يكن هناك حاضنة شعبية، وهذا ما جعل التحالف العربي عاجزًا عن دعم أي عملية عسكرية يقوم بها الجيش اليمني.
لذلك، لم تعد السياسة السعودية غامضة بشأن الحوثيين ومستقبلهم السياسي بقدر ما هي أكثر غموضًا فيما يخص المحافظات الجنوبية وشعار الانفصال الذي يرفعه المجلس الانتقالي المسيطر الفعلي على العاصمة عدن وبعض المحافظات الجنوبية.
حرب الخدمات في العاصمة عدن هي جزء من الضغط الذي يمارس ضد المجلس الانتقالي والشعب الجنوبي، إضافة إلى التوسع العسكري لقوات درع الوطن في المحافظات الجنوبية والتي ترفع شعار الوحدة ضرورة مقدسة وواجب ديني وتحظى بتمويل سعودي كبير.
فمن يتحمل المسؤولية بعد أن أصبح المجلس الانتقالي الطرف الأضعف في المعادلة السياسية اليمنية؟ وانعدام الخيارات أمامه بعد أن أصبح محاصرًا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا ومرفوضًا شعبيًا.