في الخفاء، تبادل مسؤولو الحكومة التهاني بمناسبة عيد الأضحى، وظهرت بينهم مظاهر الودّ والمحبة، كأنهم إخوة متحابون. لكن الحقيقة التي لا تخطئها عين، أن ما يجمعهم هو شِبْهُ تحالف بين الثعابين، حيث كلٌ منهم ينتظر لحظة الانقضاض على الآخر.
غير أن هذه ليست قضيتنا الرئيسة، بل ما نواجهه اليوم هو ما هو أشدّ مرارةً: عدم صرف مرتبات موظفي الدولة، مدنيين وعسكريين، في المناطق الجنوبية المحررة، رغم الوعود والتوجيهات الرسمية.
كان رئيس الوزراء قد أصدر قرارًا يقضي بصرف راتب شهر مايو قبل حلول العيد، إلا أن القرار لم يُنفّذ، بحجة “عدم توفر السيولة”، وكأن هذه السيولة لا تظهر إلا حين تكون المصلحة للنافذين فقط.
فهل يعقل أن يصدر رئيس الوزراء قرارًا بهذا الحجم والمناسبة دون أن يكون على علمٍ بإمكانيات الصرف؟ أم أن هناك توجيهًا أعلى صدر من رئاسة مجلس القيادة، وتحديدًا من الدكتور رشاد العليمي، يقضي بإلغاء القرار؟ وإذا صحّ ذلك، فهو قرار كارثي ينم عن رغبة ممنهجة في إذلال المواطنين الجنوبيين، ودفعهم للغليان، ومن ثم تحميل المجلس الانتقالي تبعات هذا الانفجار الشعبي المتوقع.
وهناك من يرى احتمالًا آخر: أن التحالف والشرعية شركاء في هذا العقاب الجماعي، يمارسونه مع سبق الإصرار ضد أبناء الجنوب، بحرمانهم من الرواتب والخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه والوقود.
أما الاحتمال الثالث، فهو صمت المجلس الانتقالي نفسه، وهو صمت يثير تساؤلات موجعة. لماذا لا يتحرك وهو يرى أبناءه يكتوون بنار الجوع والإهمال؟ لماذا يغيب صوته في وقت باتت الفوارق في الرواتب صارخة، وانعدمت الخدمات، وتفشت الأمراض بشكل مروّع في عدن، حتى غدت المدينة تغرق في مستنقع الفقر والعجز واليأس؟
أسئلة موجعة تنتظر إجابة، وربما ثورة.