بقلم اللواء/ علي حسن زكي
إن صوت أبناء شعب الجنوب، حرائره وأحراره، الذي صدح من ساحات وميادين النضال السلمي في كل محافظات الجنوب، بدءًا من ساحة الحرية بخور مكسر وشارع المعلا في عدن، كان رافضًا للإفقار والتجويع، وتدهور العملة المحلية، وارتفاع الأسعار، وتردي الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء والمياه، وسوء أوضاع البيئة والصرف الصحي، وسد منافذ ومجاري مياه الأمطار والسيول بسبب البناء العشوائي، وانتشار الأوبئة والمستنقعات، وانفجار مياه الصرف الصحي، وظهور الحميات، وضعف العملية التربوية نتيجة إضرابات المعلمين، بسبب عدم معالجة رواتبهم وعلاواتهم، بعد أن أصبحت لا تكفي نفقات أسرهم لأسبوع، وهو حال سائر موظفي الخدمة المدنية والعسكرية، مع ضياع الوظيفة العامة واتساع رقعة البطالة.
لقد تجاوز صوت حرائر وأحرار الجنوب البحار والمحيطات، ووصل إلى المجتمع الإقليمي والدولي، وإلى مجلس الأمن والمنظمات الدولية المعنية بالشأن الإنساني، لكنه لم يصل إلى ولاة أمره، مجلس الثمانية وحكومته الموقرة، وإلى المتخمين الذين تناسوا معاناة الجائعين. لم تصل إليهم تلك المعاناة التي انتزعت الفرحة من قلوب الآباء، والبسمة من شفاه الأبناء، وهم يستقبلون عيد الأضحى دون أضاحي، ولسان حالهم يقول: "عيدٌ بأي حالٍ عُدتَ يا عيد؟"
شراكة يا حكومة الشركة... ما الجديد؟
لقد انعقد اجتماع الحكومة بعد تعيين بن بريك رئيسًا لها، وكان عامة الناس يعلّقون آمالهم على مخرجات الاجتماع، فكانت المخرجات مخيبة لتطلعاتهم، إذ لم تكن سوى: "البقاء في حال انعقاد دائم".
إن الناس كانوا يتوقعون أن يأتي الاجتماع بمصفوفة من الإجراءات العملية والملموسة لمعالجة أوضاعهم المعيشية والخدمية، وأن تكون هذه الإجراءات مشفوعة بخطوات اقتصادية ومالية تثمر في تحسين مستوى معيشتهم، وتكفل لهم الحق في الحياة الحرة والعيش الكريم، وأن يكون "الانعقاد الدائم" لمتابعة ومراقبة تنفيذ القرارات، لا مجرد اجتماع لا يُطعم جائعًا، ولا يروي عطشانًا، ولا ينير ظلامًا، ولا يعالج مريضًا.
ومن بين الخطوات التي ستنعكس إيجابًا على واقع الناس وتضاعف فرحتهم:
تخفيض مرتبات وعلاوات القيادات العليا ومن في حكمهم حتى درجة وكيل مساعد، مراعاةً لمتوسط راتب الموظف المدني والعسكري، الذي لا يتجاوز 60 ألف ريال.
وقف استنزاف العملات الصعبة من خلال ما يُصرف كمرتبات بالدولار للقيادات، خصوصًا المتواجدين في الخارج، في ظل معاناة البنك المركزي من جفاف الاحتياطي الأجنبي والمحلي.
تقليص أعداد البعثات الدبلوماسية في الخارج، بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي ومتطلبات العلاقات الفعلية.
وقف السفريات الخارجية غير الضرورية، وتقليص أعداد المرافقين للحد الأدنى المطلوب.
إيداع كافة العائدات من الثروات السيادية (نفط، غاز، أسماك، معادن) في البنك المركزي أولاً بأول.
توحيد الأوعية الإيرادية والضريبية، وتحسين التحصيل، وإيداع المنح والمساعدات في البنك المركزي دون مساس بها، مع تشديد الرقابة وترشيد الإنفاق وعدم فرض ضرائب جديدة على المواطنين.
إعادة الاعتبار لمصافي عدن وشركة النفط وتمكينهما من ممارسة مهامهما، وكذلك تفعيل مطار عدن الدولي وتشغيل المحطة الكهروحرارية بالحسوة.
تدوير المناصب القيادية لمن تجاوزوا 5 سنوات في مواقعهم، وتطبيق معايير الكفاءة والمؤهل والخبرة، مع إعطاء أبناء عدن مكانتهم المستحقة لما يتميزون به من كفاءة وعقلية مدنية.
مكافحة الفساد والعبث بالمال العام، وتقديم المتورطين للقضاء دون استثناء أو حصانة.
إعمال مبادئ الشفافية والمحاسبة والرقابة، وتطبيق قانون الذمة المالية على الجميع دون تمييز.
فتح أبواب الوظيفة العامة أمام الشباب خريجي الجامعات والمعاهد.
إن تنفيذ مثل هذه الإجراءات كفيل بإخراج شعب الجنوب من عنق المعاناة. وبدونها، ستظل الجمعة هي الجمعة، والخطبة هي الخطبة، وإن تغيّر الخطيب...