آخر تحديث :الإثنين-16 يونيو 2025-09:12ص

خطاب الكراهية والتحريض

الإثنين - 09 يونيو 2025 - الساعة 11:13 ص
احمد علي القفيش

بقلم: احمد علي القفيش
- ارشيف الكاتب


تعيش اليمن حالة انحدار أخلاقي خطير، تعلو فيه أصوات المحرّضين والمطبلين، ويُصنَّف الناس على أساس المكان لا الموقف، والانتماء لا القيم. فبمجرد أن تعيش في صنعاء، فأنت "حوثي إيراني"، وإن كنت في مأرب فأنت "إخواني قطري ومن عيال مسعدة"، وإذا كنت في عدن فأنت "انفصالي إماراتي"، أما إذا كنت من أبين فأنت "داعشي إرهابي"، وفي المخا فأنت "عفاشي دانق".


في اليمن، كل من حولك ينتظر زلّة واحدة ليعاقبك، حتى لو كنت على صواب في تسعٍ وتسعين مرة، فإن خطأً واحدًا كافٍ لأن يُنصب لك حبل المشنقة، وتُحكم بالإعدام غيابيًا.


حتى التوبة والعودة إلى جادة الصواب أصبحت في اليمن ممنوعة؛ لأن هناك من يتأذى منها ويخسر مصالحه. يذكرني هذا بقصة طريفة لعامل الإمام في ريدة، حين أعطاه الإمام راتبًا لا يكفيه، وأضاف له إلى جانب الراتب الجزية التي يدفعها اليهود. وعندما تعسّر على اليهود دفع الجزية، عرضوا عليه الدخول في الإسلام، فانتزع جنبيته وقال: "حرام لا أذبح أبوه من يسلم منكم!"، لأنه كان سيخسر مصدر رزقه.


في اليمن، ينظر إليك الجميع من زاوية "من أين أنت؟" لا "من أنت؟"، ويحددون علاقتهم بك بناءً على "مع من أنت؟" لا "ما الذي تؤمن به؟". فالولاء للأشخاص صار أكبر من الولاء للوطن. وبمجرد أن تتعانق القيادات، تنتهي كل الخلافات السياسية، ويتحوّل خطاب الأبواق إلى الاتجاه الذي يريده الموجّه، مثل صحون الستالايت الباحثة عن إشارة جديدة من الأقمار الصناعية.


نحن في اليمن بحاجة إلى ثورة أخلاق قبل أن نفكّر في أي ثورة سياسية. فلا يمكن لأمة فقدت أخلاقها أن تنهض، إلا إذا استعادت تلك الأخلاق. ويكفي أن نتذكّر قول رسول الله ﷺ: "إنما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق."