د. عارف أبوحاتم
يريد الشيعة أن يجعلوا من 18 ذي الحجة يوماً لتأسيس شركة الإسلام العائلية، وتحويل الإسلام من دين عالمي إلى دين عائلي، يملكه علي وعياله!.
يوم تنتهي فيه معايير الصلاح والتقوى والعمل الصالح وتحضر فيه معايير الأسرة والعصبية والقبيلة الهاشمية، وتنتهي فيه معايير التفاضل التي وضعها الله لعباده وتحل محلها معايير وضعها أعداء الإسلام من شيعة وخوارج ويهود وأولها تأليه علي وعياله ومنحهم عصمة تفوق قدسية الله وعصمة رسوله!.
يوم تنتهي فيه معايير الإخاء والصدق والمحبة والقيم الدينية والإنسانية العالية التي ربى عليها رسول الله أصحابه، لتحل محلها محبة علي وعياله، وتكون هي معيار أول وأخير لصلاحية الفرد والمجتمع.
والصلاحية وفق المعيار العصبوي الهاشمي المنطلق من ما يطلقون عليه "يوم الغدير" لا تعني الصلاحية الدنيوية فقط، بل تمتد إلى الصلاحية الأخروية، وإمكانية دخول الجنة من عدمها وفق معيار المحبة والنصرة لعلي وعياله وذريته، وبالتالي لا قيمة ولا حضور لكل القيم الدينية والمعايير التي تنزَّل بها القرآن الكريم، أو جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم.
يوم الغدير تنتهي فيه حرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، لتصبح إما حلالاً طواعيةً لعلي وذريته المزعومة، أو مباحة بقوة السيف وسطوة الدين المنتحل لصالح من يدعون أنهم نسل علي وخلفائه من بعده.
يوم الغدير من المنظور الشيعي تنتهي فيه حدود الله وقدرته واستطاعته وتفرده بالربوبية والأولوهية والكمال والجلال والتشريع وتحل مكانها قدرة علي الرجل "كلي القدرة".
لذلك، فرض عين على كل مسلم لديه حس بالمسؤولية تجاه دينه وعقيدته ووطنه وأمته أن يجاهد ويقاتل ويصارع ويدافع كل أفاك وباغي ومزور لقيم الدين، بل كل من ينكص عن مبادئ الإسلام ويعتنق هذه الخرافات التي تنسف قيم الدين وتفكك عُرى الإسلام، ذلك أن الإسلام وخرافة الولاية ضدان لا يجتمعان، لا يمكن للمرء أن يكتمل إسلامه ويكون موحدا لله ومؤمناً برسوله، وهو في نفس الوقت يؤمن بخرافة الولاية واختصاص الله لسلالة بالحكم تتوارثها إلى يوم القيامة من دون الناس.
ذلك أن جوهر الولاية يناقض جوهر الإسلام، فمفهوم الولاية يؤكد صراحة أن لا مكانة لمبدأ الشورى في الحكم، ولا تداول للسلطة، ولا مكانة للآخر، ولا مساواة بين الناس، ولا عدالة اجتماعية بين المسلمين، فالمعيار عائلي وليس ديني، والتمايز الطبقي الاجتماعي يلغي كليةً الحق في الوظيفة والزواج والرأي والحكم والإجتهاد، بل يلغي وجود مفهوم الدولة بمؤسساتها وقوانينها الناظمة لحركة المجتمع.
إذ لا قول ولا رأي ولا مكانة ولا وظيفة إلا من منظور المرجع الشيعي "السيد الأعلى"، فهو ظل الله في أرضه، وهو الحاكم المطلق، الذي لا يُناقش في رأي ولا يؤاخذ بجريرة، ولا يخطئ في قرار، وهذا قول ينعكس بالضرورة على جميع سلالته وذريته، فهم الأولى بالوظيفة العامة، وهم الأحق بالمال، ولهم الزواج ممن يشاؤون، ولهم من بقية المسلمين السمع والطاعة والولاء والنصرة في كل أمر.
وهكذا انتهى الإسلام إلى دين عائلي عليه توفير مبررات الجباية والتمايز والمال والجنس والوظيفة لأبناء السلالة.
أما في الآخرة فسيكون للإسلام وظيفة أخرى بيد السلالة، فهم نسل "علي" الذي بيده مفاتيح الجنة، وهو "قسيم الجنة والنار" وإليه مئاب الخلق وعليه حسابهم، ولهم مراتب في الجنان العليا، لا حساب عليهم، ولا ميزان يقفون أمامه، ولا صراط يعبرونه، بل لا توجد لديهم صحائف أعمال كبقية الخلق.
هل هذا هو الدين الذي ختم الله به شرائعه، وهل هذا ما جاء به النبي الذي جعله الله خاتم أنبيائه ورسله، وهل هذه سنة الله في خلقه؟!.
تنزه الله.
فكرة الولاية فكرة عنصرية تطعن في عدالة الله في خلقه قبل كل شيء، وتطعن في نزاهة رسول الله ومساواته بين جميع صحابته، وتطعن في قيم الإسلام، وتقدمه كدين عنصري أسري طائفي، لا يحمل قيم المساواة ولا روح التسامح ولا مشروع حضاري لبناء أمة.
ولو كان الإسلام بهذه الرعونة العفنة لما خرج من حدود قرية مكة وقبيلة قريش، ولكان بنو هاشم هم أول من أسلم بحثا عن الامتيازات الجديدة.
لكن شاءت حكمة الله أن يكون لرسول الله 11 عم، أسلم منهم اثنان فقط، و10 ماتوا على غير دين الإسلام، وشاءت حكمة الله أن الله لم ينزل سورة كاملة تذم شخصاً بعينه إلا عم رسول الله عبدالعزى "أبولهب"، وشاءت حكمة الله أنه لم تنزل سورة بكاملها تذم قبيلة بعينها إلا قبيلة رسول الله "قريش"، وشاءت حكمة الله أنه لم ترد آية مباشرة تذم امرأة بعينها وتبشرها بالنار إلا زوجة عم رسول الله "حمالة الحطب" وشاءت حكمة الله أن تأتي نصرة هذا الدين من خارج قبيلة قريش، وشاءت حكمة الله أن ينتشر هذا الدين في أصقاع الأرض على يد حكام بني أمية ومقاتليهم من القبائل اليمنية والخرسانية والبربر.
وسرت هذه المقادير بعلم الحكيم العليم حتى لا يَمُنَّ بنو هاشم على أحد بأنهم قد نصروا هذا الدين أو حموه وأوصلوه إلى العالمية، ثم يبتزوا الناس باسمه، ومن ثمَّ يصطنعون لأنفسهم الامتيازات السياسية والاجتماعية!!