آخر تحديث :السبت-14 يونيو 2025-08:50م

"إيران وإسرائيل" من استطاع حساب المعادلة؟

الجمعة - 13 يونيو 2025 - الساعة 10:15 م
جمال محسن الردفاني

بقلم: جمال محسن الردفاني
- ارشيف الكاتب


الكيان الإسرائيلي والنظام الإيراني يعرفان بعضهما جيدًا، فالنهج المعلن للقيادة الإيرانية هو تحرير فلسطين، وإنهاء الوجود الإسرائيلي. ولتحقيق ذلك تعمل إيران على تطوير برنامجها النووي وتدعم وتموّل أذرعها العسكرية في المنطقة العربية.

إسرائيل من جهتها تعمل على محاربة أذرع إيران، وتعتبر برنامجها النووي خطر محدق بوجودها. لذلك من البديهي أن يقوم كل منهما بدراسة سلوك وتحركات ونقاط ضعف وقوة الآخر، انطلاقًا من مبدأ "فهم السؤال نصف الإجابة" أو حتى فهم الإجابة كلها طالما والأمر يتعلق بحرب منتظرة.


ماذا نفهم من الهجوم الإسرائيلي على إيران؟


بالنظر إلى الهجوم الإسرائيلي اليوم تطرأ تساؤلات جمة من ضمنها هل كان الهجوم مفاجأة؟

بالنسبة لنا كمتابعين قد تبدو مفاجأة مباغتة - نحتمل هذا، لكن بالنسبة لدولة مثل إيران، كان يجب عليها أن تتعظ من الشواهد السابقة وألا تتفاجأ أبدًا

ففي ليلة مقتل نصر الله كان قد تم إعلان هدنة ومفاوضات، ليذهب إلى مقر الحزب وهناك في الضاحية لقي حتفه.

وفي الهجوم الأوكراني (الغربي) على الطائرات الاستراتيجية الروسية تم التخطيط له منذ سنة ونصف، وتم التنفيذ في وقت إجراء المفاوضات

وهناك شواهد أخرى مماثلة

إذن أمريكا ومثلها إسرائيل والغرب ينتظرون اغتنام المحادثات لضرب خصومهم وهم في أمان. وهذا أستغرب ان كان غاب عن توقعات طهران، التي طرحت البنادق وجهزت الحقائب للذهاب إلى مسقط في جولة مفاوضات حول برنامجها النووي، فكانت غلطتها التي لا تغتفر.


كان يفترض بإيران أن تبقي أصابعها على الزناد، لا أن تضع قادة الجيش وعلماء الذرة في سلة واحدة للموت الجماعي

إسرائيل اعجبتها تجربة تصفية القادة للقضاء على خصومها كما حدث مع نصر الله وهاشم صفي الدين وقادة قوة الرضوان وغيرهم.


كيف تبددت قدرات إيران أمام هجوم اليوم؟


بالنظر إلى استراتيجية إيران فقد اعتمدت في تقديراتها على سيناريو الحرب الشاملة، أي أنها لن تكون وحدها عند اندلاع الحرب

لذلك بذلت كل جهدها لدعم وكلائها في المنطقة (حزب الله، نظام الأسد، الحوثيين، الفصائل العراقية، والفصائل الفلسطينية) لتحقيق ردع مشترك، أي إن تحريك جميع الأذرع من شأنه خنق إسرائيل، ولا يمنحها الجرأة على الهجوم، في محاولة من إيران لكسب المزيد من الوقت لتخصيب اليورانيوم وتصنيع القنبلة النووية لكن ما حدث بعد السابع من أكتوبر، من قصقصة لأذرع إيران، ترك إيران تجد نفسها وحيدة فجأة.


الشاهد أن إيران أنفقت قدراتها على مسارين، الأول البرنامج النووي، والآخر التنظيمات العربية المسلحة، وكان ذلك على حساب شعبها، وعلى حساب تجهيزاتها العسكرية والاستخباراتية، التي بدت هشة وضعيفة أمام القدرات الإسرائيلية الكبيرة.

بينما اعتمدت إسرائيل على بناء نفسها، كانت إيران تبني حلفاء تساقطوا كأوراق الخريف.


ما وضع إيران الآن؟


إيران حتى اللحظة تحاول أن تفيق من الصفعة وإن لم تكن قد أعدّت سيناريوهات مسبقة لهذا اليوم، فهي كتلميذ بليد انتظر صبيحة يوم الاختبار للنظر في مقرراته.

إيران اليوم تلقت ضربة موجعة جعلتها تدرك حجمها الحقيقي

أما إسرائيل، فهي الأخرى لم تقضي على البرنامج النووي الإيراني بالكامل، لكنها استهدفت المفاعل الأكثر تطورًا، والذي بتدميره ستحتاج إيران وقت طويل لإعادة تشغيله، كما أنها خسرت علماء وعقول يصعب تعويضهم بسهولة

لسبب ما أرادت إسرائيل الابقاء على شيء من الحياة والتماسك لإيران، لكنها أزاحت تهديدها الاستراتيجي، لتبقى إيران اليوم أمام مفترق طرق وخيارات صعبة.


ما هي خيارات إيران؟


في تقديري سيكون أمام النظام الإيراني خيار مؤكد يحفظ ماء وجهها، ويتمثل في ردها على اسرائيل، وهذا مؤكد الحدوث، ويبقى الخياران الحرجان، في قوة وفعالية هذا الهجوم

هل سيكون هجوم محدود يحفظ ماء الوجه، بحيث تتوقف الحرب إثر تنفيذه؟ بمعنى (واحدة بواحدة) رغم فداحة خسارة إيران؟

أم أن إيران ستقدم على تنفيذ رد استراتيجي يدفع نحو تصعيد واسع؟ قد تتسارع فيه الأحداث إلى درجة احتمال سقوط نظام طهران؟

الخيار الأكثر كارثية، أن يحاول النظام الإيراني الرد بشكل ناعم يحفظ ماء وجهه ويبقي وجود سلطته، وهذا قد يدفع بإسرائيل إلى نسف إيران من الخارطة.

فيكون هذا النظام لا أنه أبقى على نفسه، ولا أنه مات بشجاعة

وهذا ما ستكشفه الساعات أو الأيام القادمة.