آخر تحديث :الخميس-31 يوليو 2025-11:29ص

نداء استغاثة من قلب عدن الموجوعة

الخميس - 19 يونيو 2025 - الساعة 09:32 ص
أ.د مهدي دبان

بقلم: أ.د مهدي دبان
- ارشيف الكاتب


أ.د. مهدي دبان


ما يحدث في أرضنا اليوم ليس مجرد أزمة عابرة، ولا كارثة مؤقتة، بل فاجعة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. مشاهد القهر تتكرر كل يوم، وصور الموت أصبحت اعتيادية في حياة الناس، حتى أن العقل السوي لا يستطيع تخيل ما نعيشه، والضمير الحي لا يطيق صمته تجاه ما يحدث لنا.

في عدن، يموت الناس بصمت، من الجوع، والعطش، وانعدام الخدمات الأساسية التي يُفترض أن تكون حقا لا فضلا. الماء لمن سبق، والكهرباء غابت تماما في عز صيف حارق سلخ الجلود والأبدان. تفشى الوباء، وانتشرت الأمراض، والكوليرا باتت تحصد الأرواح كما تحصد النار الهشيم. لا مغيث، ولا دواء، ولا مستشفى حكومي يملك أدوات الإنقاذ.

العملة الوطنية تهاوت حتى التُهمت المرتبات، التي إن وصلت – بعد طول انتظار – لا تكاد تكفي لشراء قوت يوم أو علاج مريض. ومع ذلك، ينتظر الموظف راتبه كالغريق الذي ينتظر من يأخذ بيده قبل أن يبتلعه الموج.

الناس تموت في بيوتها، لا من يطرق بابها، ولا من يسأل عن حالها. إننا نطلق نداءً واستغاثة من قلب عدن، من قلب المأساة، إلى كل ضمير حي، إلى الدول الإقليمية، والمنظمات الإنسانية والإغاثية، أن أنقذوا ما تبقى منا. أهلنا، وأخوتنا، وأطفالنا، وشيوخنا، يذبلون كأشجار بلا ماء، يئنون بلا دواء، ويصارعون المرض والموت بلا حول ولا قوة.

المؤن قلت، والدواء شح، والعملة انهارت، والأمراض تفشت، فماذا تنتظرون؟ هل تنتظرون أن تشهدوا مقابر جماعية تضم شعبًا بأكمله؟! لم تعد لدينا حكومة تُعنى بشؤوننا، بل هي أصل بلائنا، وخذلانها المتكرر عمّق الجراح أكثر وأكثر.

تغيرت الحكومات مرارا، لكن لم يتغير شيء سوى أشكال المأساة. أملنا بالله أولًا، ثم فيكم أن تلحقوا ما يمكن إنقاذه، قبل أن نُمحى من على وجه هذه الأرض بصمت.

هذه ليست كلمات شكوى، بل صرخة نجدة، لا نريد أن تبكي علينا الإنسانية حين يفوت الأوان، بل نريد من يمد يده الآن، الآن قبل أن نتحول إلى أرقام تُنقل في تقارير أو صور تُعرض في نشرات الأخبار. نحن نتعرض لإبادة جماعية، والعالم يرى... فهل سيصمت؟