آخر تحديث :الخميس-31 يوليو 2025-11:29ص

منين العافية إذا الوجع بالرأس

الأحد - 22 يونيو 2025 - الساعة 03:54 م
أ.د مهدي دبان

بقلم: أ.د مهدي دبان
- ارشيف الكاتب


في الأصل، الدولة هي الحاضن الأول لكل فئات المجتمع، الإطار الذي يُفترض أن يلم شتاتهم ويوحدهم على قاعدة العدالة والعيش الكريم. فليست الدولة مجرد سلطة، بل علاقة وثيقة بين جميع الفئات، مهمتها أن تحفظ التوازن وتنفذ القوانين التي تمنع الاستئثار وتكفل الحقوق للجميع، من أصحاب الأموال إلى ذوي الدخل المحدود . إن غياب هذا الدور أو تراخيه، يفتح الباب لهيمنة فئات على حساب أخرى، مما يؤدي إلى تشقق جسد المجتمع وتفشي الظلم الاقتصادي والاجتماعي.

ومن بين الفئات التي تسعى للهيمنة تحت مظلة الربح، نجد المؤسسات المالية والمصرفية الخاصة التي إن تركت دون رادع، استبدلت الدولة في مهمتها، وتحولت إلى سلطة حقيقية تتحكم في قوت الناس ومعيشتهم. هنا، لا تعود السوق حرة كما يُقال، بل تصبح فقط للأقوياء، بينما يُسحق الضعفاء تحت وطأة الأسعار وتلاعب العملة وانفلات الرقابة. فغياب الدولة عن دورها التنظيمي والرقابي، هو أكبر خيانة لثقة الناس، وأشد خطرا من أي عدوان خارجي.

أن ما يحصل عندنا، للأسف، تجاوز حدود القصور، فهناك استثمارات تدار لحساب رجال من الدولة أنفسهم أو محمية بنفوذهم، ومحصنة من المساءلة، حتى ابتلعت السوق واحتكرت مفاصل الاقتصاد، وصارت المتحكم الوحيد بأسعار العملة.

وما من عافية تُرجى إذا كان الوجع بالرأس، وإذا صارت الدولة تُدار من فوق لحساب القلة، على حساب السواد الأعظم من هذا الشعب الطيب.

لكن الشعوب لا تصبر إلى الأبد، وحين تستعيد صوتها ووعيها، قد تعيد ترتيب كل شيء… من الرأس حتى الجذور.