آخر تحديث :الجمعة-15 أغسطس 2025-08:47ص

ليس دفاعًا عن علي ناصر… بل لوضع الأمور في نصابها

الإثنين - 23 يونيو 2025 - الساعة 07:57 م
اللواء الركن سعيد الحريري

بقلم: اللواء الركن سعيد الحريري
- ارشيف الكاتب


كثر الحديث هذه الأيام حول ما قيل عن رفض الرئيس علي ناصر محمد انضمام الجنوب إلى مجلس التعاون الخليجي، وكأن هذا الرفض — إن صح — كان السبب الوحيد في تعثر الجنوب وضياع فرصته التاريخية.


لكن دعونا نُسائل من يرددون هذه المزاعم:

إذا كان علي ناصر قد رفض — جدلًا — ذلك الخيار، فلماذا لم يسعَ من جاءوا بعده إلى تصحيحه؟


أليست النخب التي تولّت الحكم بعد أحداث 13 يناير 1986 هي من سارعت إلى صنعاء عام 1990 لتوقيع الوحدة؟

ألم يكن الأولى بها — إن كانت تملك مشروعًا — أن تفتح الجنوب على العالم، لا أن تهرب من الداخل إلى الخارج، ومن السلطة إلى الوحدة، ثم من الوحدة إلى الشتات؟


والأهم من ذلك:

ألم تكن فترة حكم الرئيس علي ناصر — بشهادة كل من عايشها — هي الفترة الذهبية في تاريخ دولة الجنوب؟

فترة استقرار وتنمية ومكانة إقليمية متزنة، شهدت تحسين البنية التحتية، وبناء مؤسسات الدولة، وتفعيل علاقات دبلوماسية متوازنة، بعيدًا عن الشعارات المفرغة والمهاترات الداخلية.

وأنا شخصيًا شاهد على تلك المرحلة، وأعلم جيدًا الفرق بين من بنى، ومن جاء ليهدم ما بُني!


وفوق كل ذلك، كتب الرئيس علي ناصر كل شيء في مذكراته، ووضع الأحداث والقرارات والظروف أمام الناس بوضوح وشفافية.

فهل نرى من يوجّهون الانتقادات اليوم، يملكون نفس الجرأة؟

هل يجرؤون على كتابة مذكراتهم، ومصارحة الناس بمواقفهم وهروبهم، وتناقضاتهم؟ أم أن بطولاتهم تنحصر فقط في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي؟


فمن السذاجة أن يُختصر مصير وطن بقرار فردي، وكأن السياسة لعبة بيد شخص واحد.

والأدهى من ذلك أن من يُحمّلون ناصر المسؤولية هم أنفسهم من عجزوا عن تقديم بدائل، بل واصلوا مسلسل الإخفاقات حتى أوصلونا إلى ما نحن فيه اليوم.


هربوا إلى الوحدة عام 1990 بدعوى “الخلاص من الصراعات”، ثم هربوا منها عام 1994 بعد أن وقعوا في الفخ الذي صنعوه بأنفسهم.


ليس دفاعًا عن الرئيس ناصر، فلديه من الأخطاء ما يُنتقد، لكنه لم يكن وحده صاحب القرار، ولم يكن آخر من أمسك بزمام الجنوب.

الجنوب ضاع لأن العقل السياسي الذي تولّى بعد ناصر، لم يكن بحجم التحديات، ولا يملك من المشروع إلا الحنين والشعارات.


فدعونا نكون منصفين…

ولا نحاكم مرحلة ذهبية بشعارات الحاضر الفارغ، ولا نُحمّل شخصًا وزر أمة، بينما من جاءوا بعده لم يُحسنوا إلا الهروب.

اللواء الركن سعيد محمد الحريري