آخر تحديث :الخميس-26 يونيو 2025-05:44م

تفسير آية قرآنية .. فهم ظاهر يختلف عن الواقع

الأربعاء - 25 يونيو 2025 - الساعة 09:19 ص
منصور بلعيدي

بقلم: منصور بلعيدي
- ارشيف الكاتب


تثير الآية القرآنية في سورة النساء (الآية 141) تساؤلات حول فهمها الظاهري والواقع المعاش. الآية تقول: الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.


*المفهوم الظاهري*

يبدو أن الآية تشير إلى أن الله لن يجعل للكافرين سبيلًا على المؤمنين ولكن الواقع يظهر عكس ذلك. فالكافرون يسيطرون على الكرة الأرضية ويتحكمون في مصير المؤمنين.

*التفسير*

كثير من الآيات تحتاج إلى تدبر عميق لفهم مرادها الحقيقي، خاصة عندما يبدو أن الواقع لا يطابق ظاهر النص.


الآية الكريمة تتحدث عن المنافقين الذين يتربصون بالمؤمنين، ويظهرون الولاء للطرف المنتصر فقط.

أما جملة *"ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلًا"* فقد اختلف فيها المفسرون:

1. بعضهم قال: المقصود في الآخرة، أي لن يكون للكافرين غلبة أو سلطان على المؤمنين في الحساب والجزاء.

2. آخرون قالوا: المقصود في الدنيا، أي أن الله لا يجعل للكافرين سلطانًا دائمًا أو مطلقًا على المؤمنين، بل قد يبتليهم أحيانًا، لكن العاقبة للمتقين.

3. وهناك من قال: المقصود بالإيمان نفسه، أي لا يستطيع الكافر أن يسيطر على قلب المؤمن أو يفسد إيمانه الحقيقي.

4- قد يكون المقصود بالآية هو أن الله لن يجعل للكافرين سبيلًا على المؤمنين في الآخرة، أي يوم القيامة.

5- قد يكون المقصود هو أن الله لن يجعل للكافرين سبيلًا على إيمان المؤمنين، أي أنهم لن يستطيعوا أن يغيروا إيمانهم.


الواقع الذي نعيشه اليوم هو جزء من سنن الابتلاء والتمحيص في الدنيا.

وليس وعدًا إلهيًا بأن المؤمنين لن يُهزموا أبدًا في الدنيا.


ويبدو ان الآية ليست وعدًا دنيويًا مطلقًا بعدم سيطرة الكافرين الرغم من وضوح اللفظ( وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) والسبيل هو الطريق في الدنيا ، وليس الاخرة.

و(المؤمنون) اسم يطلق على المتقين في الدنيا اما في الاخرة فيسمون اصحاب الجنة او اصحاب النار وليس المؤمنين..

والمفهوم المستنبط من الاية (تحليلاً) يجعلها تبدو وكأنها وعد إلهي بحفظ الإيمان، أو وعد بالنجاة في الآخرة، أو وعد بأن الغلبة النهائية للمؤمنين.

فالإيمان الصادق لا يُقهَر، والنصر النهائي في الآخرة.


هل نحن بحاجة إلى إعادة تقييم لفهمنا للآية، أم أن هناك تفسيرات أخرى يمكن أن توضح هذا التناقض؟ يبقى أن نبحث ونفكر في هذه الأسئلة لنصل إلى فهم أعمق لمدلولاتها ومرادها.

نحتاج الى إعمال العقل في النص الشرعي بهدف التدبر المستمر لان التدبر مفتاح الفهم الأعمق ، ويبقى السؤال قائمًا حول كيفية فهم هذا الخطاب الرباني.


فلنستمر في البحث والتساؤل ، فهذا هو طريق العلم والإيمان!