تعيش اليمن اليوم أزمات تاريخية ونفسية متراكمة، تؤثر بعمق على حياتنا اليومية وسياساتنا. تتجلى هذه الأزمات في تصنيف الناس تلقائيًا بحسب توجهاتهم السياسية أو الاجتماعية، مما يعزز انقسام المجتمع ويفضي إلى حالة من عدم الاستقرار. فنحن، كأفراد ينتمون إلى وطن يتأرجح بين مشاهد الفوضى والحزن، نجد أنفسنا في مواجهة ضغوط داخلية وخارجية تهدد وحدتنا وهويتنا.
في السياق اليمني، تبرز أزمة الهوية بشكل واضح. إذ يعمد بعض الأشخاص ذووا النوايا السيئة، أو كما يُطلق عليهم 'أصحاب الأقلام المأجورة'، إلى تصنيف الأفراد وفق جامعاتهم السياسية أو العرقية، كأن يصفوهم بالعفاشي أو الإصلاحي أو الحوثي أو الاشتراكي أو الناصري. هذا التصنيف لا يشير فقط إلى تباين الآراء، بل يعكس انقسامًا خطيرًا في المجتمع. فكلما حاول شخص ما إبداء رأيه أو التعبير عن وجهة نظره، يتعرض لهجوم شرس من قبل المتطرفين الذين يوظفون هذه التسميات كأسلحة للتشويه.
تسود في المجتمع حالة من الإحباط واليأس. فما كان يجب أن يكون حديثًا طبيعيًا حول القضايا الوطنية والأوضاع المعيشية، يتحول إلى مهاترات تدل على انعدام الوعي الجماعي، مما يعوق أي نوع من الحوار البناء. كثيرًا ما نشعر بأن الوطن قد أنهكه التجاذب السياسي وأن الأزمات تتوالى بلا رحمة، فتغرس في نفوسنا حس الخذلان. هل يمكننا، كأفراد، أن ننسى انتماءنا ونفكر فقط كأحد أبناء هذا الوطن العريق؟
إن الأزمة النفسية التي نمر بها ليست فقط نتيجة الصراعات السياسية، بل تنبع من عدم وقوفنا مع بعضنا البعض كتفاً إلى كتف. لقد أصبحنا نعيش في حالة من الفوضى الداخلية حيث يصعب علينا رؤية الجوانب المضيئة لوطننا. تتجلى مآسينا في فقدان الأرواح والأمل، وفي الشعور المستمر بعدم الأمان والاستقرار، مما يجعل من الصعب على اليمنيين الاستمرار في الحياة اليومية دون ضغوط.
علينا كأفراد أن نعيد التفكير في كيفية تعاملنا مع بعضنا البعض ومع وطننا. يجب أن نتحمل مسؤولية الحفاظ على هويتنا اليمنية ككل، بدلاً من أن نكون جزءًا من الحروب والصراعات الفكرية. إن الفهم المتبادل والتسامح وتقبل الآخر هي مفاتيح للخروج من هذه الأزمات. إن أوطاننا لا تحتاج إلى المزيد من المآسي، بل تحتاج إلى بناء جسر من الأمل والمستقبل المشرق الذي يجمعنا كمواطنين يمنيين يتطلعون إلى غدٍ أفضل.