آخر تحديث :الجمعة-04 يوليو 2025-01:57م

يقتل القتيل ويمشي بجنازته.. فيلم "آخر مشوار" أنموذجًا للدعاية الحو،ثية الخبيثة

الخميس - 03 يوليو 2025 - الساعة 10:59 ص
مازن العسلي

بقلم: مازن العسلي
- ارشيف الكاتب


أصدرت مؤسسة "الهادي" التابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية فيلمًا بعنوان "آخر مشوار"، في مشهد جديد من مشاهد التضليل الإعلامي الممنهج، يظهر فيه أشخاص يمنيون بلكنة سعودية يروّجون للمخدرات داخل مناطق خاضعة لسيطرة الجماعة. الفيلم لا يكتفي بتزوير الواقع، بل يلبس الضحية ثوب الجلاد، في محاولات يائسة لحرف الأنظار عن الفاعل الحقيقي.

يأتي هذا الفيلم بعد أيام فقط من إعلان السلطات اليمنية ضبط شحنات ضخمة من الحشيش وحبوب الكبتاجون في باب المندب ومنفذ الوديعة، وبعد كشف مدير أمن عدن عن وجود مصنع لإنتاج الكبتاجون في محافظة المحويت، أُنشئ كبديل لمعمل دوما السوري، الذي دُمّر بعد أن كان يشكّل أحد أبرز مصادر تمويل الإرهاب في المنطقة. وقد أقرّ أحد مؤسسي هذا المصنع بتفاصيل تُثبت أن الحوثيين يُعيدون إنتاج النموذج الإيراني في التمويل والإرهاب.

وما تقوم به المليشيا الحوثية ليس سلوكًا عابرًا أو تصرفًا فرديًا، بل هو امتداد مباشر لأسلوب إيراني ممنهج، اعتمد لسنوات على تجارة المخدرات كأداة لتمويل مليشياتها في لبنان وسوريا والعراق، والآن تُنفّذ نفس الاستراتيجية في اليمن. إيران، التي استخدمت الكبتاجون كأداة لضرب استقرار المجتمعات وتغذية النزاعات، وجدت في الحوثيين ذراعًا جديدًا لتنفيذ نفس الدور التخريبي في الجزيرة العربية.

وقد حذّر فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي من "تخادم صريح بين المليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية، بما في ذلك الاغتيالات والتفجيرات وترويج المخدرات والجريمة المنظمة ومخططات إسقاط المحافظات من الداخل". وهو توصيف دقيق يكشف ملامح المشروع الحوثي المرتبط بالأجندة الإيرانية، والذي يهدد اليمن والمنطقة بأسرها.

وفي هذا السياق، ناقش مجلس الوزراء تقريرًا شاملًا حول انتشار المخدرات، وأكد دعمه الكامل للأجهزة المختصة، مشددًا على ضرورة رفع كفاءة مكافحة التهريب، وتعزيز التعاون بين الجهات الأمنية والقضائية، وتكثيف الحملات التوعوية لحماية المجتمع، خاصة فئة الشباب، من خطر هذه الآفة العابرة للحدود.

لكن في الوقت الذي يوظف فيه الحوثي الكاميرا لصناعة رواية كاذبة وتجميل صورته أمام الداخل والخارج، ما يزال الإعلام الوطني متأخرًا عن أداء دوره في هذه المعركة المفصلية. فالمعركة لم تعد فقط بالسلاح، بل أصبحت معركة وعي وتوجيه، والشاشات اليوم لا تقل أهمية عن الجبهات.

وهو ليس نقدًا لأداء الممثلين المشاركين في تلك الأعمال، فغالبيتهم يقدمون أدوارهم بإخلاص، لكنّ المشكلة في غياب التوجيه الصحيح والتوظيف الوطني للفن، ليخدم قضايا الوطن لا أن يُستغل في التغطية على جرائم مليشيا إرهابية.

والأهم من ذلك، أن الواقع اليمني يفيض بآلاف القصص الحقيقية والموثقة لجرائم وانتهاكات ارتكبتها مليشيا الحوثي، تصلح لأن تُحوّل إلى أعمال درامية وإنسانية هادفة تُلهب الوعي، وتخلّد المعاناة، وتُحاصر الكذب الحوثي بالحقائق والشهادات، من قصص اختطاف النساء، وتجنيد الأطفال، وقصف المنازل، وتفجير المساجد، وزراعة الألغام في الطرقات، كل واحدة منها تصلح أن تكون رواية، فيلمًا، أو مسلسلًا يعرض للعالم حجم الكارثة ووجه القاتل الحقيقي.

إن مسؤولية فضح المشروع الحوثي لا تقع على الجبهة الأمنية وحدها، بل تمتد إلى الإعلام والثقافة والفن، من خلال إنتاج أفلام ومسلسلات ووثائقيات تكشف طبيعة هذه الجماعة وأدوات تمويلها وأساليبها الإيرانية. فالإعلام، حين يُحسن الأداء، يصبح سلاحًا لا يقل تأثيرًا عن الميدان، وصوتًا قادرًا على كشف الحقيقة وتحصين المجتمع.