الجنوبيون شردوا اليمنيين.. بهذه الكلمات اختصر الوضع الحقيقي للأزمة اليمنية في الجمهورية اليمنية،طالما وكيان موحد غير قادر على الصمود في وجه الأجندات الاقليمية التي عصفت بهذا البلد، وجردته من أبسط مقومات الأمن والاستقرار.
كنت أظن بأن من يسمون أنفسهم ب أنصار الله " الحوثيين"، وتنظيم أخوان المسلمين فرع اليمن" حزب الإصلاح" هما المشكلة الوحيدة في اليمن بعد الإطاحة بعائلة علي عبدالله صالح من السلطة، لتتضح بأن مصيبتنا أكبر ، وأعظم في نوعية العمالة والإرتزاق للمشاريع الخارجية.
هناك أطراف جنوبية لا تريد لليمن أن ينهض من كبوته ، وهنا يبرز سؤال مصيري.. لماذا كل هذا الكم المهول من الأحقاد والغدر والعنصرية؟لم يكن الجنوب اليمني جزءًا من التنمية والاستقرار يومًا.
الجنوب وثقافة أبناء الجنوب كانت وماتزال سم شديد السمية شرب منه جسد دولة الوحدة ؛ولن يغادر جسد دولة الوحدة في الداخل والخارج إلا ،وقد أردونا جثة هامدة تتحلل في ترب القبور بين الأمم.
هناك صورًا أخرى لتفكيك الأوطان_ ومنها صورة تصديع الجبهة الداخلية أو الوحدة الوطنية بصراعات فكرية وثقافية واجتماعية الخ_ تمزق الوحدة الوطنية على المستوى الفكري، وإن ظلت الوحدة الجغرافية والسياسية قائمة.
القنبلة الجنوبية جاهزة للانفجار ،أو ربما هي انفجرت من دون أن نشعر، لكن في انفصال الجنوب عن شماله فوائد.. .
الجنوب لعنة ومشكلة بحد ذاتها، فقادت الجنوب في دولة الوحدة مارسوا إبتزاز سياسي معرقل منذ 1994، وذلك بهروبهم الى شماعة الانفصال، والدليل بالذي تم في 2014 بأنهم صناع قرار تسليم الشمال الى الحوثيين؛ ثم شكلوا مجلس الانفصال في 11 مايو 2017 ،وساعدوا الحوثي على الانفصال الاقتصادي الكامل ،والطامة الكبرى بأن معظم قادة التنظيمات الأرهابية جنوبية ،وخلافهم إداري بين الطغمة والزمرة، ويضاف اليه مؤتمر واصلاح جنوبي في حبكة أخرى.
بالفعل الجنوب أسوأ من الحوثي ..فالحوثي خلاف إداري على الحكم بين الزيود في الشمال، وتطور الخلاف الأقليمي مع دول الخليج العربي ليتحالفوا مع إيران.
الجنوبيون والأخوان المسلمين "حزب الأصلاح "والحوثيون ثلاثتهم دمروا اليمن ،وانحرفوا ببوصلة الوطن لكن الذي يميز الجنوبيين بأنهم مارسوا الملشنة والإرهاب والمضاربة بالعملة في سيناريو الأكثر بشاعة بحق بلد الوحدة التي نعموا بخيراتها .
-فدرالية “قومية – جغرافية” أم “إدارية” في اليمن؟
قوة الاقتصاد لا تأتي بالضرورة من المركزية، بل من حسن إدارة الموارد، وتوزيعها بعدالة، بما يتيح لكل محافظة أو إقليم أن ينهض بإمكاناته وتلكم يرفضها الشمال، ومن رواق آخر تجارب العالم الفيدرالي أثبتت أن منح الأقاليم بعض الصلاحيات لا يتعارض مع بقاء القرار الاستراتيجي بيد الحكومة المركزية ،وهذه يرفضها الجنوب جُملةً وتفصيلًا.
لا زال الجدل محتدما في اليمن بشـأن ملف الفدرالية الذي اتّـضح أن مضمونها يختلف من طرف لآخر، رغم إجماع ظاهري على القبول بها.
أن يمنًا موحداً مثلما كان سابقًا سوف تتمخض عنه طبيعة التفاعلات المجتمعية والصراعات السياسية اليوم فهذا محض خيال يراود البعض والصورة الواقعية اليوم..
اقليم صنعاء الزيدي .
اقليم مأرب الأخواني.
اقليم تعز الأخواني .
اقليم الجنوب الحضرمي الانفصالي.
اقليم الجنوب الضالعي والمثلث الانفصالي.
اقليم الجنوب السني الانفصالي.
اقليم الساحل الغربي الشمالي.
اقليم الحوثي الشيعة الإرهابي الشمالي.
نحن في حيرة من أمرنا الأقلمة أم اللامركزية أم واقع سيفرض باستفتاء انفصال اليمن..
بالطبع نتيجة الاستفتاءللجنوبيين فقط معروفة مسبقًا. غالبية ساحقة ستقف مع الانفصال بما فيهم من يدعون الوحدوية.
-كيف تفكر الاستراتيجيون في استقلال جنوب اليمن؟
تياران متنافسان باعتبارات جيوسياسية لحلفاء الولايات المتحدة في الأقليم.
(1)التيار المثالي .
داعم الاستقلال للحيثيات الآتية..
أولًا الاتساق في القيم التاريخية لحق الشعوب في تقرير المصير وهي قالب سايكس بيكو الشهير .
ثانيًا إنهاء مزاعم المظلومية التاريخية ولعنة الإبتزاز الجنوبية الى الأبد.
ثالثًا مكأفاة للجنوبيين لطردهم الحوثيين وعمالتهم للخارج ،واتساقهم مع سياسة دول عربية واقليمية في فك إرتباط الشمال عن الجنوب.
(2) التيار الواقعي.
رافض لانفصال الجنوب للحيثيات الآتية:-
أولوية الحرب ضد جماعة الحوثي الإرهابية.
أولية الحرب ضد الجماعات الإسلامية الإرهابية في الجنوب.
استعداء الحكومة الشرعية.
الخوف من تقوية نفوذ الإمارات والسعودية.
زيادة حدة التوترات مع سلطنة عمان وقطر.
الخلاصة تطبيق حقّ المصير في يومنا هذا مرتبط مباشرة بنتيجة مواجهات حروب المصالح والنفوذ، ولا يستند إلى مقتضيات القانون الدولي ومبادئ المشاركة والتعايش والاحتكام إلى الدساتير والقوانين الوطنية. أهلا بمعادلة إقليمية جديدة، سنتعرف إليها أكثر فأكثر في ترتيب شؤون المنطقة في العقد المقبل.
فطالما الحديث عن أن الجنوب يطالب بالتقسيم بسبب الفقر ونهب الثروات والإقصاء،فيه اختزال للواقع. فاليمن كله يعاني من سوء الإدارة، وليس الجنوب فقط. تجول اليوم في عدن أو المحافظات، وستعرف من هو الشمالي أو الجنوبي. التعامل أصبح غير طبيعياً، والحياة اليومية تشهد تعايشاً عنصريًا واضحاً"، نعم "صحيح أن بعض الكتل السياسية تؤمن بالوحدة مثل المؤتمر والأصلاح " الأخوان" الجنوبيين لأنها ترى فيه وسيلة لمصالح أكبر وسلطة أوسع، لكنني شخصياً أرى أن هذا التوجه غير مناسب لليمن في الوقت الحالي.بقدر ماهو ذر الرماد على العيون.
هل النظام الفدرالي هو الحل الذي قد ينتشل اليمن من محنته وتشرذمه الحالي ؟ أم هي التطبيقات الفدراليه ، في هذه المرحله الحرجه التي قد تفتح علينا عش الدبابير ..
يبدو ان الطريق الأمثل لتحقيق ذلك هو تعميق الإدارة التنموية، "الحل الأفضل هو تعزيز اللامركزية ولكن في الوقت ذاته دون المساس بوحدة الدولة بشكل عام، لأن توزيع الثروات بشكل غير عادل بين الأقاليم سيخلق فجوات اقتصادية تهدد استقرار البلاد، حتى وإن توفرت إدارة رشيدة للموارد".وهذا حاصل اليوم ترى نماذج شمالية ناجحة ولو برعاية خارجية، وبالفعل كتب لها التمييز لسبب وحيد أنها ابتعدت عن الجنوب.
الراي الاستراتيجي يقول :“كان فصل الجنوب عن الشمال من الاستعمار، والآن نطالب بعودة الأمور إلى طبيعتها”.
ختامًا ..أختم مقالي هذا وكل كتاباتي الى الأبد بأن اليمن لديها لعنتي التبع اليماني والرئيس الحمدي ،أمّا لعنة اليمن الثالثة فهي ثابته و ستطارد الجنوب ورعاتهم من دول الخليج وإيران الى قصورهم ، والأيام بيننا ،فالتاريخ أرخ هذه اللعنة في بيت شعر الملك التبع اليماني..
حضرت وفاة أبيك ياحسان ... فانظر انفسك فالزمان زمان.
فلربما ذل العزيز وربما ... عز الذليل وهكذا الإنسان.
وأعلم بني بأن كل قبيلة ... ستذل الإكليل نهضت لها قحطان.
قحطان أسد سادة يمينه ... غلب تهاب لقاءها الأقران.
فيهم ملكنا الأرض من أقطاراها ... حتى أتت بخرجها عدنان.
أنيابها القضب الحداد إذا هوت ... لقرينها ورماحها الأشطان.
وجيادها تسعون ألفا ضمر ... قب البطون كأنها العقبان.
عصبت بشر ذي الجناح بقائد ... ما أنْ نجئ بمثله النسوان.
فملكت أرض الروم أحسن بلدة ... ومضى هرقل وأسلم الصلبان..