آخر تحديث :الأربعاء-30 يوليو 2025-11:22م

غزة لا تشبه الحسين .

السبت - 05 يوليو 2025 - الساعة 09:09 م
عمار التام

بقلم: عمار التام
- ارشيف الكاتب


قرأت مقالًا بعنوان: "مرة أخرى تُرك الحسين وحيدًا"، للأستاذ أدهم شرقاوي، ونشره الدكتور الصلابي على صفحته.


سعى الكاتب في مقاله إلى إسقاط مقتل الحسين بن علي في كربلاء على معركة غزة اليوم.


إن هذا الإسقاط غير موفق ولا يستقيم منطقيًا. فالصراع الذي حدث بين الحسين ويزيد وعبدالله بن الزبير — رحمهم الله جميعًا — كان خلافًا قرشيًا سياسيًا محضًا حول الأحق بالحكم والسلطة.


هذا النوع من الصراعات على السلطة ليس غريبًا في تاريخ البشرية، وقد يتصارع إخوة من أب واحد على العرش.


الإسقاط هنا طعن غير مبرر في تاريخ دولة إسلامية عظيمة فتحت الدنيا بالإسلام، وهي الدولة الأموية.


هذه الدولة لا يمكن مقارنتها أبدًا بالكيان الصهيوني الغاصب الذي لا يمت للإسلام بصلة. ولا يرقى صراع البيت القرشي بين سلطة قائمة وأشخاص معارضين لها إلى الطبيعة الكارثية والمختلفة جذريًا لمعركة غزة مع الكيان الصهيوني بأي شكل من الأشكال.


وإن كان هناك من شبه يمكن أن يلاحظ بين غزة والحسين، فهو في ثقة بعض قيادات المقاومة في شيعة إيران، وهو ما يذكرنا بثقة الحسين في شيعة الكوفة. هذا الجانب، وإن كان يحمل بعض التشابه، إلا أنه لا يمثل جوهر المعركة أو طبيعتها.


غزة: هولوكوست معاصر لا شبيه له

غزة اليوم تشبه جحيم أصحاب الأخدود في وحشيته وهمجيته.


فما يحدث في غزة يا أحبتنا هو هولوكوست مرعب وممنهج مستمر منذ أكثر من عشرين شهرًا، يُمارس فيه العدو الصهيوني كل آليات الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج والحصار الخانق على شعب أعزل.

إنها كارثة إنسانية بكل المقاييس تفوق أي مقارنة تاريخية.


غزة، بسكانها الذين يناهزون المليوني نسمة، تشبه نفسها فقط. فليس هناك شبيه للظلم الفادح، والدمار الشامل، والقتل الوحشي الذي يمارس عليها ليل نهار.


فاتقوا الله وابتعدوا عن تكريس سرديات التشيع السياسي والعقائدي بهذه الأخبار العاطفية التي تتجاوز منطق الحق وتصادم حقائق التاريخ.


إن استخدام المأساة الحسينية لخدمة أجندات سياسية معاصرة يضر بالقضية الفلسطينية في سياقها العربي والإسلامي لصالح ملالي طهران وأذرعه في المنطقة.


غزة لا تشبه الحسين رحمه الله؛ وذلك لعدة أسباب جوهرية:


طبيعة الخصم: غزة تواجه الكيان الصهيوني اليهودي المحتل في معركة حق لا شائبة فيها، معركة بين شعب يدافع عن أرضه وكرامته وبين احتلال غاشم.


بينما كانت مواجهة الحسين مع خصم سياسي مسلم في إطار صراع على الحكم، ومن هو الأحق والأولى بالسلطة، بنو أمية أم بنو هاشم.


نطاق الصراع: غزة تقف اليوم في معركة أمة الإسلام جميعًا أمام كيان احتلال صهيوني صليبي يستهدف الوجود العربي والإسلامي.


بينما كان موقف الحسين سياسيًا شخصيًا لا يرقى إلى فئوي؛ إذ ذهب بمفرده في سياق صراع سياسي كما أسلفنا، ولم تكن معركةالأمة بأسرها.


طبيعة الهدف: هدف غزة هو التحرر من الاحتلال واستعادة الحقوق، بينما هدف الحسين كان يتعلق بشرعية الحكم وإقامة العدل من وجهة نظره ضمن الدولة القائمة آنذاك من خلال حقه بالقرابة الهاشمية.


إن فهم هذه الفروقات الجوهرية يساعدنا على تقدير عظمة تضحيات غزة وعدم تسييس مأساتها بما يخدم سرديات تاريخية لا تتناسب مع واقعها الأليم وعدالة قضيتها .