آخر تحديث :الخميس-21 أغسطس 2025-09:15م

التعكري.. والحياة العَكِرة

الأحد - 06 يوليو 2025 - الساعة 10:24 ص
ماجد عبدالكريم غيلان

بقلم: ماجد عبدالكريم غيلان
- ارشيف الكاتب


بعد الضجة الكبيرة التي أحدثها التضامن الكبير مع اليوتيوبر اليمني فواز التعكري انتابني الفضول اليوم لمشاهدة مقطع الفديوا الذي أصدره بالأمس إذ لم أكن من قبل ألقي بالاً لمتابعة التعكري أو غيره من المشاهير اليمنيين أو غيرهم لقناعة ذاتية بغلبة المحتوى القريب إلى التفاهة منه إلى المحتوى الهادف والمفيد ، كما لايوجد لدي الوقت الكافي للتصفح والفرز بين الغث والسمين..

حالة التضامن الواسعة التي استمرت ترند لعدة أيام في مواقع التواصل الإجتماعي مع هذا الشاب المبدع بعد أن ظهر في مقطع فديوا بحالة يُرثى لها وصورة تحمل بين طياتها الكثير من معاني البُئس والتعب ، فتسائل الكثيرين إذا كان هذا حال القلة المشهورين فكيف هو حال غالبية الشعب المدفونين تحت رمال التعفف وجبال الهموم.. فتعاطف معه الكثيرين من زملائه ومعاريفه وحتى من لم يكن يعرفه من قبل...

وخلال فترة التضامن المذكورة طالبه العديد من زملاءه وجمهوره بالعودة لتقديم أعماله الهادفة وتعهد الكثيرين بدعمه للخروج من حالته الصعبة ووضعه الراهن ، فما كان من الفتى المبدع إلا الإستجابة لمطالب جمهوره ومتابعيه، وكما عُرف عنه لم يُخيب ظن الجميع ، بل قدم إليهم عمل يلامس شغاف قلوبهم ويتلمس المعانات المعيشية لغالبيتهم..

لقد أثبت التعكري في مقطعه الأخير بأن الحياة أصبحت عكرةً فعلاً على غالبية أبناء اليمن اللا سعيد ، وإن قام بتعكير صفوا من شاهد المقطع إلا أنها الحقيقة التي يحاول الكثيرين الهروب من إظهارها على السطح لتبقى خلف ستار الخوف وتحت ستائر التزييف..

وتحت عنوان قصة شعب لخص هذا المقطع الفني القصير حكاية شعب يرزح تحت وطأة المعانات التي أثقلت كاهل الجميع ، وقد عمد المخرج التعكري بإشارته الى الأستاذ فواز على البدأ بأهم المعاناة وأقساها التي طالت أهم شريحة في المجتمع (معلوموا الأجيال وبناة الأوطان) من معلمي المدارس وأساتذة الجامعات وما يعانوه ليس فقط خارج منازلهم مع أصحاب الديون والإلتزامات المختلفة ، بل أيضاً داخل بيوتهم المكان المفترض أن يجد الرجل فيه راحته ويخفف عند عودته إليه من متاعبه والامه ، ليجد بدلاً من ذلك أن الأوضاع الصعبة للبلد قد حولت منزله إلى محكمة مصغرة دائمة ، وزوجته الى قاضي تحقيق جلف ، وأولاده الى أصحاب حقوق يحلمون ويحملون دوماً قوائم الطلبات التي لاتنتهي صفحاتها الجميلة والمؤلمة في نفس الوقت..

كما تشير رسالة ملف الشهائد التي قذف بها الزمن الردئ على وجه إلى طبقة المتعلمين من حملة الشهادات المتوسطة والعليا سواء العاملين بدون مقابل أو العاطلين عن العمل ، الذين يكتوون بنار البطالة المؤلمة من جانب وبنيران متطلبات الحياة التي تحيط بهم من كل جانب..

وغير ذلك الكثير من الرسائل الهادفة في هذا المقطع المؤلم الذي لايتسع المقام والمقال لتناول تفاصيل كل رسائله الهادفة والمعبرة..

وأخيراً فإن مايُميز أعمال المبدع فواز التعكري عن غيره الكثير من منتجي المحتوى اليمني هو تناوله للواقع الذي يعيشه عامة الناس وتعبيره عن المعانات الحقيقية للوطن والمواطن ، بأسلوب فني هادف ومؤثر وهو مامنحه مساحة تقدير واسعة لدى قطاع عريض من اليمنيين.