آخر تحديث :الخميس-17 يوليو 2025-02:24ص

الوطن يتمزق.. ونحن نمعن في التناحر على منصات التواصل!

الأربعاء - 09 يوليو 2025 - الساعة 04:50 م
محمد العنبري

بقلم: محمد العنبري
- ارشيف الكاتب


بين أنين الجراح وصمت التراب يتهاوى الوطن قطعة بعد أخرى ونحن نغرق في دوامة الاتهامات والمهاترات على وسائل التواصل الاجتماعي... نكيل السباب نوزع التهم ونبني عوالم موازية من الكراهية والشك كأنّنا نسينا أو تناسينا أن هناك وطنا يسرق من تحت أقدامنا وأن هناك شبا يتضور جوعا ويتقلب على نار الحرب والفقر والتهميش.

نعيش حالة من الانفصام الوطني العميق نجيد فيها التنظير ونتفنن في جلد بعضنا البعض ونعلّق فشلنا على شماعة الآخر دون أن نملك الشجاعة لنسأل أنفسنا ماذا قدمنا لليمن؟ ماذا فعلنا لأجل هذا الوطن الذي بات يصرخ في صمت يستغيث من أبناءه قبل أعدائه؟

ألسنا جميعا من تراب هذا البلد؟ ألسنا نحمل ذات الهم ونشرب من ذات الألم؟ فلماذا تفرقنا الكلمات وتمزّقنا الولاءات وتقتلنا الأحقاد؟ لماذا لا نجتمع تحت راية واحدة اسمها "اليمن"؟ لماذا لا تكون كلمتنا الأولى هي "الوحدة"، ورؤيتنا الأولى هي "التقارب" ومشروعنا الأول هو "النجاة من الغرق"؟ ما الذي ننتظره؟ أن يفنى الوطن تماما لنوقن حينها أن لا منتصر في الحرب ولا رابح في الخلاف؟ كلنا خاسرون حين نخسر وطنا وكلنا غارقون حين نغرق سفينة اسمها اليمن.

كان يُفترض أن تكون وسائل التواصل منابر للتقارب والتوعية والتسامح لكنها للأسف تحوّلت في أيدينا إلى سيوف تقطع الوصل وتذكي نار الفتنة نشهر الكلمة كخنجر وننسى أن الحرف قد يهدم وطنا إن خرج في غير وقته وبغير نية الإصلاح.

نعيش اليوم حربا غير مرئية... حربا على الكلمة الطيبة على العقل، على أي محاولة لجمع الصف وتوحيد الصوت نقتل كل مبادرة للتفاهم ونخون كل من يدعو للسلام ونصفق فقط للضجيج والشتائم.

يا أبناء وطني إن كنّا نريد مستقبلا لهذا البلد فلا بد أن نبدأ من أنفسنا من كلمتنا من وعينا من صفحاتنا التي باتت جزءًا من معركة الوعي فلنُعلن المصالحة لا مع بعضنا فقط بل مع هذا الوطن الذي آوانا رغم كل ما اقترفنا في حقه لنُغلق ملفات الكراهية ونفتح صفحات المحبة والمصارحة والصفح فلا الجنوب سيستقر وهو ينظر للآخر بعين الريبة ولا الشمال سيزدهر وهو غارق في صراعاته ولا تعز ستنهض وهي في خصام مع نفسها ولا عدن ستعود عروسا والقلوب ملأى بالحقد.

دعونا نرفع الصوت لا بالسباب بل بالحكمة لا بالفرقة بل بالتسامح. فلنجعل من كلماتنا جسورا نعبر بها نحو يمن جديد، لا خنادق نحفرها ليقع فيها بعضنا البعض الوطن بحاجة لأصوات تضمد لا تمزق... لأفكار تنني لا تهدم... لقلوب تؤمن أن اليمن لكل اليمنيين وأن لا خلاص إلا بوحدة الموقف والكلمة والمصير.

إن لم نتدارك الأمر الآن فسندفع الثمن أضعافا غدا لن تغفر لنا خيانتنا لصوت العقل ولن يرحمنا التاريخ إن تركنا اليمن يتمزق أمام أعيننا ونحن نمعن في تقسيمه بكلماتنا ومواقفنا.

فلنجرب مرة أن نكون يمنيين فقط... لا شماليين ولا جنوبيين لا حزبيين ولا مناطقتين... فقط يمنيين نحب هذا الوطن ونخاف عليه... وننقذه قبل فوات الأوان.