إن أشجاننا لا تتحرك إلا عند الرحيل كما لا تهتز أغصان الشجر إلا عند هبوب الرياح فهل هو عيب فينا أم أنها طبيعة أراها طبيعة والوقوف على القول بأن الأمر طبيعي مقبول لدى العقلاء غالبا*
من الطبيعي أن يكون نصر الدين المقرحي معروفا لدى أبناء منطقته الوضيع أو محافظته أبين أو أن تمتد علاقته لما هو أبعد من ذلك لإنه شخصية حاضرة بقوة رغم تواضعه وعدم تشرفه وطلبه للظهور والشهرة لكنه خُلِقَ هكذا في شخصيته خط ثابت لم يتغير هو خلق الاستقامة وحب الدين المتدينين منذ عرفناه في مركز الدعوي العلمي بصنعاء عام 1998 مـ والعلاقة به تتعمق لا تزيدها الأيام إلا متانة بعد العودة من صنعاء في بداية الألفين عدنا وعاد معنا يشارك إخوانه في الدعوة إلى الله في كل مجالاتها ومن ذلك أنه تولى إدارة مدرسة " أسد بن الفرات " للعلوم الشرعية وكان حريصا جادا في إدارتها نلمس ذلك منه في معاتبته لنا على أي تقصير يراه وفي الوقت نفسه كان سخيا بعبارات المدح والإطراء لمن يحسن
لم يفكر في الذهاب في إصلاح شأنه الداخلي رغم الفرص المتوفرة له بما في ذلك الذهاب إلى الخارج وكأنه لا يطيق أن يعيش بعيدا عن إخوانه ودعوته ولا يستطيع أن يتنفس إلا بريئة االدعوة إلى الله
عن حدوث الخلافات والشقاقات في الصف الدعوي ابتعد عنها لعزة نفسه ولذلك يحبه الناس جميعهم
كان أبو عزام شخصية مستقلة بعد ما ضربت العمل الدعوي والمكون السني موجة الخلافات الحادة نأى بنفسه عن العيش في ظل جماعة أو تنظيم معين مع المحافظة على مواصلة العمل وعلى وحدة العاملين وعلى تبني الرؤى الإيجابية ونبذ الرؤى السلبية وبقي متواصلا مع الجميع لا يقطع إلا من تعذر التواصل معه
عند ظهور ما يسمى بأحداث القاعدة في محافظة أبين غادر إلى عدن واستقر بها ولم بكن وحده بل كانت موجة نزوح في المنطقة بسبب عدم استقرار الوضع وتأثير الأحداث على مختلف مناحي الحياة وعندما اجتاح الحوثي عددا من محافظات البلاد عام 2015 مـ ومن ضمنها المحافظات الجنوبية عدن ولحج وأبين عاد نصر الدين من عدن إلى منطقته ليقود المقاومة رغم الظروف الصعبة والقاسية كون مع عدد من إخوانه مقاومة مكونة من طلاب العلم الشرعي وطلاب مدارس التحفيظ وخطباء وأئمة المساجد وآخرين التحقوا بهم فكان نصر الدين يقوم بما توفر لديه من دعم يمد المقاتلين بالسلاح والتموين والتدريب ويتنقل في المواقع حسب ما كانت تمليه ظروف المعركة حتى تم إجلاء الحوثي وتحررت المحافظات الجنوبية فعاد إلى عدن وعاد. كما. كان بعيدا عن صراع المناصب حاملا راية العلم والتعليم والدعوة مثابرا في تحصيل العلم حتى أكمل دراسته العلياء
ولم يزل هذا دأبه إذا غاب أو بعد فلا بد أن يأتيك منه خبر جميل فكما أحزننا فراقه فقد أسرَّنا أنه كان مهاجرا إلى ربه " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله "
رحمك الله يا أبا عزام
محمد ناصر العاقل
15/ محرم 1447هـ
10/يوليو/ 2025 مـ