آخر تحديث :الخميس-31 يوليو 2025-11:29ص

العُملة... وما بعدها إلا الموت!

الأحد - 13 يوليو 2025 - الساعة 12:54 م
أ.د مهدي دبان

بقلم: أ.د مهدي دبان
- ارشيف الكاتب


في زمن أصبحت فيه القيم تُقاس بالأرقام لا بالإنسان، تتهاوى العُملة المحلية أمام العملات الأجنبية يوماً بعد يوم، ومع كل تراجع جديد، يزداد النزيف في جسد المواطن، لكنه نزيف بلا صراخ، لأن الصمت أصبح وسيلة في وطن لا يسمع إلا صوت المنتفعين و المتنفذين.


لقد وصلت الناس إلى قناعة مريرة أن ما يحدث ليس تقلبات اقتصادية عابرة، بل جريمة مكتملة الأركان، تُنفذ على مرأى ومسمع الجميع، دون محاسبة، لأن الجُناة هم أنفسهم من يجلسون على مقاعد القرار. كيف يُحاسب من يملك راتباً بالدولار، وأرصدة في الخارج، وعقارات محصنة ضد الانهيار؟ هؤلاء لا يشعرون بجوع الفقراء، ولا ينامون على ضجيج الهموم، ولا يعرفون شيئاً عن طوابير الخبز ولا أسعار الدواء.


الفقر اجتمع مع الجوع، وامتزج بلامبالاة قاتلة من قيادة غارقة في مصالحها، وبدلاً من إنقاذ المواطن، شاركت في تركيعه وتجويعه، حتى صار الغلبان محاصراً من كل الجهات، لا يجد في وطنه سوى الغُصص والتعب.


أمام هذا المشهد المظلم، تبقى الحقيقة الأكثر وجعا: لم تعد العُملة تسقط وحدها، بل تسقط معها الكرامة، والحياة، وحتى الأمل. لقد أصبح ما بعد العُملة... هو الموت، بصمتٍ بارد، لا يسمعه أحد.