آخر تحديث :الخميس-31 يوليو 2025-07:39ص

موت الروح...

الإثنين - 14 يوليو 2025 - الساعة 08:47 م
خديجة الجسري

بقلم: خديجة الجسري
- ارشيف الكاتب


حين تفقد الشغف، وتموت في داخلك الرغبة، لا تعود تغريك الفرص، ولا تستفزك الأحلام، ولا تدهشك البدايات.

تصبح الأشياء متشابهة، رمادية باهتة، لا تفرّق بين النهر والصحراء، ولا بين الفرح والحزن.

الذين أحببتهم يومًا، كنت تسعد بلقائهم، تأنس بأحاديثهم، وتنتظر الليل لتشاركهم أدق تفاصيلك...

تصبح أصواتهم عابرة، وملامحهم غريبة، كأنك لم تعرفهم يوماً. لولا الواجب الاجتماعي وردّ السلام، لاعتزلتهم جميعاً بصمت.


أقاربك؟ أعيادهم لا تفرحك، وأحزانهم لا تحرك فيك ساكناً.

يستوي عندك البكاء والضحك، وتصبح الحياة مشهداً متكرراً لا تملك فيه دور البطولة.

تفقد اهتمامك بمظهرك، ولا تعنيك نظرات الناس أو أحكامهم. تعمل بلا شغف، لا طموح، بل فقط لتسد رمق الأيام، وتسدد فواتير الحياة.


تضحك أحياناً، لكن شفتيك لا تتجاوب، وروحك تقف خلف ستار من الصمت، متيبسة كالصخر.

تمد يدك للآخرين، تواسيهم، تعينهم ،لكن في داخلك ألف جرح لم يضمده أحد.

كنتَ كثير الحديث، واسع الثقافة، تملأ المجالس رأياً ونقاشاً ،

أما الآن، فقد صرت تحب الصمت، تميل للعزلة، وتستأنس بالغياب.


إنه موت الروح…

عندما لا يشعر بك أحد، ولا تقدر أنت أن تشرح ما تمر به.

لا تفضفض، بل تنفجر فجأة حين يزعجك أدنى شيء.

تفقد الإحساس بالخسارات، فكل شيء يبدو تافهاً بعد أن خسرت نفسك.


ألمك لم يعد عاطفيا فقط، بل نفسيا، عصبياً، يتسلل إلى أعماقك دون رحمة.

وتصبح أكثر هشاشة عند كل موقف لا يشبه توقعك،

ليس لأنه صعب… بل لأنه يذكّرك باللحظة التي انكسرت فيها للمرة الأولى،

حين فقأت الحياة عينك مراراً، وأسقطتك على ركبتيك دون أن تنتظر لكفٍّ ترفعك.


تنهار قواعدك ؛كأن بركاناً من زمنٍ بعيد عاد ليدمر ما تبقى منك.


نعم، إنه موت الروح،

وبعده لا يعود للحياة طعم، ولا للجسد وزن، ولا للأيام قيمة.

تتمنى فقط أن تعيش ما تبقى من عمرك بهدوء،

خارج إطار الصراعات، وخارج دوائر الخوف، وخارج نوبات الهلع التي لا يراها أحد.

لا تطلب الكثير…

فقط قليل من السكون، وبعض من السلام، ونقطة أمان.