بقلم: [زكي يافعي ]
مقال نخص به شبابنا التايه بين الطموح وقلة الحيلة وغياب وسائل الاسترشاد..
في زمن السرعة، تحوّل النجاح إلى سلعة، والسعي وراءه إلى سباق محموم. كثير من الشباب اليوم يركضون لهاثًا خلف النجاح السريع، والثروة الفجائية، دون أن يلتفتوا إلى قوانين اللعبة، أو القيم التي تحكم معادلة التقدّم الحقيقي.
النجاح لم يعد مرتبطًا - لدى البعض - بالجد والاجتهاد، بل أصبح مرادفًا للتحايل، و"الطرق المختصرة". وفي خضم هذا السعي اللاهث، تُغفل قواعد كونية وربانية تربط النجاح بالصبر، والتعلم، والبذل، ليعود بالنفع لا على صاحبه فقط، بل على المجتمع بأسره.
لكن، كما هو معروف، أي صعود سريع لا يستند إلى قاعدة صلبة، سرعان ما يعقبه هبوط مدوٍّ. ويُروى في هذا السياق قول مأثور: "وأنت في طريقك إلى القمة، لا تنسَ أن تسلّم على من في الطريق، لأنك ستقابلهم عند النزول.".
ويحذر مثل أفريقي شهير من صعود غير المستحقين بقول ساخر: "كلما ارتفع القرد، انكشفت مؤخرته."، في إشارة إلى أن من يصعد بغير أهلية، يفضح نفسه كلما علا .
وفي ذات السياق، يقول الإمام علي بن أبي طالب: "أريحوا أنفسكم بالتعب، ولا تتعبوها بالراحة."، إشارة إلى أن التعب هو الوسيلة الأجمل للراحة الحقيقية. أما الشاعر اليمني عبدالله البردوني، فقد لخّص الفكرة في بيت عميق:
"ورحتُ من سفر مضنٍ إلى سفر أضنى... لأن طريق الراحة هو التعب."
الخلاصة أن الطموح مشروع، بل ومطلوب، لكنه يحتاج إلى إرادة، وعمل، واستعداد للدفع من الجهد ما يوازي حجم الطموح. أما من يطلب الكثير ويقدّم القليل، فسيعيش حالة من التوتر وعدم الرضا، قد تصل إلى الاكتئاب.
ويجدر بنا أن نُذكّر، أن النجاح لا يقاس فقط بحجم المال، بل بمدى سلامة النفس، وصدق المسار، ورضا الضمير.
وفي الختام، نترك القارئ مع مقاطع من قصيدة البردوني، التي تُعرّي بجرأة أولئك المتسلقين:
> هل أُسمّى بهذا ناجحاً؟
إن يكن هذا نجاحًا… ما الفشل؟
إنما أرجوك، غلطني ولو
مرةً كن آدميًا… لا أقل
قل أنا الكذاب، وامنحني
على حسّك الإنسانيّ الشعبيّ، مثل
فلقد جادلتُ نفسي باحثًا
عن مزاياك، فأعياني الجدل
محبتي للجميع والله من وراء القصد.