بقلم: أ.د. خالد سالم باوزير
إذا كان لدى المكوّن المفوّض في الداخل – كما يُقال – أي قدرة أو نية للعمل لصالح الشعب، فليقدم شيئًا ملموسًا. أما إذا كان اعتمادهم الكلي في صرف رواتب عسكرييهم ومناصريهم قائمًا على الآخرين، فهم ضائعون، ولن يحققوا أي مشروع دولة.
طالما أن هذا المكوّن يواصل السير في المناطق المحررة وفق نهج مناطقي واضح، ويعزز العصبية، فإنه يسير نحو الفشل. الجنوب ليس الضالع وحدها، بل هو حضرموت وشبوة وأبين والمهرة ولحج وعدن، ويجب أن يُمثَّل الجميع بعدالة.
يكفي أن ننظر إلى تكوين رئاسة المكوّن اليوم: كم عدد أبناء حضرموت فيها؟ لا شيء يُذكر، أما في الدوائر المهمة فالحضور الحضرمي هامشي. في المؤسسة العسكرية، الحضور الحضرمي منعدم تقريبًا، مع أن حضرموت وحدها تمثل 55٪ من مساحة الجنوب، فكيف يمكن تجاهلها بهذه الصورة؟
أما شبوة، أبين، وعدن، فهي كذلك تمثل ثقلًا جغرافيًا وبشريًا واقتصاديًا. ولكن يبدو أن المكوّن يسير في الاتجاه الخاطئ، وهذا يؤذيه قبل أن يؤذي أحدًا سواه. قياداته تفتقر إلى الديمقراطية، والحوار الجاد، وإرادة الإصلاح الحقيقي.
من دون حضرموت والمهرة، لن يكون هناك جنوب. والتقارب مع الحضارم مكسب استراتيجي للمكوّن، بينما معاداتهم تُعدّ خسارة فادحة. فلماذا يُضايقهم مطلب حضرموت في نيل حكم ذاتي؟ ما الذي يزعجهم؟ أليس هذا حقًا منطقيًا وطبيعيًا بدلًا من الحملات الإعلامية والتهديدات، وتشغيل آلة إعلامية تُهاجم حلف حضرموت وتلوّح بالقوة العسكرية؟
المكوّن بدأ يفقد الكثير من شعبيته بين أبناء حضرموت، ويخسر تأييدهم، وهذا ليس في صالحه. فلماذا لا تُمنح الأغلبية الحضرمية مناصب وقيادات داخل المكوّن بما يتناسب مع عدد السكان والمساحة؟ مطالب حلف حضرموت ليست تعجيزية: كهرباء، خدمات، بنية تحتية، وكلها تُطالب بتحقيقها من ثروتهم الخاصة، وليس من ثروات محافظة أخرى.
على من له علاقة وتأثير في قيادة المكوّن أن يُبادر إلى تقديم النصيحة. للأسف، الحضارم داخل المكوّن اليوم لا يستطيعون الكلام، خوفًا على ما بأيديهم من رواتب أو مناصب. وهذا يضع علامة استفهام كبيرة على العلاقة بين القيادة والكوادر الحضرمية.
حضرموت هي عمود الجنوب، ومن دونها لا يمكن أن تقوم للمكوّن أي قائمة، وتليها المهرة وأبين وشبوة. الإنصاف مطلوب، وظهور الكوادر الوطنية النزيهة أمر ضروري، بدلًا من منح مواقع القيادة لأصحاب القات والسوابق، الذين يسيئون لتاريخ الجنوب ومشروعه الوطني.
على قيادة المكوّن أن تراجع سياساتها فورًا، وتُعيد بناء علاقاتها الداخلية، وإلا فإن البديل سيكون مؤلمًا... وعلى الجنوب السلام.