كتبنا في المنشور السابق، تحت عنوان "فرصة ذهبية لا يجب أن نفرط فيها"، والذي تم نشره في صحيفتنا الغرّاء صحيفة عدن الغد وبعض الصحف المحلية والمواقع الإخبارية، وأشرنا فيه إلى أن الانخفاضات المفاجئة للعملات الصعبة أمام العملة الوطنية هي خطوة متقدمة تخدم – في الأساس – المواطن اليمني في المناطق المحررة، مع الاحتفاظ بالأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض دون ذكرها، وكذلك عدم تسييس هذا التحسن أو استغلاله لصالح أفراد أو جماعات أو جهات.
ولكن ما لاحظناه في بعض القنوات الفضائية، والمواقع الإخبارية، وشبكات التواصل الاجتماعي، من تصريحات رسمية لمسؤولين في الدولة، هو أن هذا التحسن كان – بحسب قولهم – نتيجة عمل وجهد بذلوه في الفترات الماضية. والحقيقة أنهم لا يعرفون السبب الحقيقي وراء هذا الانخفاض المفاجئ، إذ لم يصرح أي من هؤلاء المسؤولين سابقاً عن أسباب الارتفاعات الجنونية التي شهدتها العملة، والتي أوصلت سعر الدولار إلى ما يقارب ٣٠٠٠ ريال يمني مقابل الدولار الواحد.
بل إنهم اختفوا حينها جميعاً، وهنا أتحدّى هؤلاء – إن كانوا صادقين فيما يقولون – أن يبيّنوا لنا ما هي الجهات التي تسببت في انهيار العملة؟ وأين كانوا عندما وصل راتب بعض موظفي الدولة إلى أقل من ٢٠ دولاراً فقط؟ ولماذا لم يظهروا على شاشات القنوات الفضائية حينها كما يظهرون اليوم؟ ولماذا تنصّلوا من مسؤولياتهم وتركوا المواطنين يواجهون وحدهم كل هذه التحديات، حتى وصل الأمر إلى وفاة الكثير منهم جوعاً، لعدم قدرتهم على شراء القوت الضروري وسط الغلاء الفاحش؟
الشيء الإيجابي الذي نلاحظه هذه الأيام هو استنفار جميع الجهات والقيادات والمسؤولين في الدولة، والتفاعل الإيجابي في إلزام التجار بتخفيض أسعار جميع المواد بما يتناسب مع سعر الصرف الحالي، وعدم الاكتفاء بذلك، بل المضي في المزيد من الإصلاحات حتى يتعافى الريال اليمني ويعود إلى سابق عهده. وهذا لن يتحقق إلا بإلغاء التعامل بالعملات الصعبة في البيع والشراء، والضغط على السلطة لتسوية رواتب جميع موظفي الدولة وصرفها بالعملة الوطنية في نهاية كل شهر، ودفع جميع الرواتب المتأخرة.
ومن الطبيعي أن تتضرر في البداية شريحة واسعة من غير التجار، مثل المغتربين ومن يتقاضون رواتبهم بالعملات الصعبة، لكن مع مرور الوقت ستعم الفائدة على الجميع إذا وحّدنا الصفوف، وعملنا بروح الفريق الواحد مع تنفيذ هذه الإصلاحات، ورفضنا – بأي حال من الأحوال – العودة خطوة إلى الوراء.
كما أنصح بالابتعاد عن تسييس أي تحسن ملحوظ في أسعار المواد أو تعافي العملة الوطنية أو في المجالات الخدمية.
والله من وراء القصد.
شاعر المليون
يافع – القارة – رصد – الجمعة 2025/8/8م.