خلق الله السموات والأرض بالحق وأجرى مقاديره في مخلوقاته بحق سواء من ذلك ما يسمى بأمره الكوني والقدري من حياة وموت ورزق وصحة وغنى فقر ... أو كان أمره الشرعي وهي كلماته الشرعية وهي : الأوامر والنواهي ما أوجب وما أسقط وما أحل وما حرم " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم "
*مظاهر النظام*
قال تعالى " الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت * فارحع البصر هل ترى من فطور " لا تفاوت ولا فطور ولا اختلال يعني أن خلقها في غاية الدقة الاحكام والنظام وفي قوله " وخلق كل شيء فقدره تقديرا " ثم ما شرعه في مقادير العبادات وصفاتها وأوقاتها وتحديد أماكن معينة لبعضها كالحج وزمان كشهر رمضان والجماعة في الصلاة وتسوية الصفوف
*نفي العبث والنهي عنه*
نفى الله العبث في خلقه للعباد فقال تعالى " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا " وأثبت الغاية من خلق العباد فقال " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " ونهى عن الإسراف وأمر بالقصد في قوله " فكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين "
من كل ما سبق نأخذ فكرة عن وجود نظام يشمل حياتنا يتطلب منا أن نتعاطى معه بايجابية وندرك خطر الفوضى التي تشتت جهودنا وأوقاتنا وتنذر بعواقب سيئة على مستقبلنا ومن المفيد أن نعرف أن الشريعة الإسلامية في كافة مجالات الحياة العقيدة والعبادات والتعاملات والأخلاق والآداب قد أسست لوجود نظام راقٍ عند التزامه يصل بنا إلى درجة عالية من النظام والرقي وأن ندرك أيضا أن كلما يعصف بحياتنا من الفوضى هو من غياب الشريعة المنظمة في المقام الأول
وكما أن الدين يؤسس للنظام فإنه في جوانب يساعد عليها ونخلص من هذه المقدمة إلى حاجتنا إلى النظام والخروج من الفوضى الآكلة للقدرات والجهود والأوقات
و ذلك بالعمل على الآتي : 1- العناية بالوقت :
فالوقت أفضل ما عنيت به * وأراه أهون ما عليك يضيع
والوقت على الحقيقة هو رأس مال الإنسان وهو أثمن ما يملكه وقد أولته النصوص الشرعية اهتماما بالغا وانظر كم أقسم الله في قرآنه بالليل والنهار والشمس والقمر وبالفجر والضحى... وكم ورد التنبيه عليه في السنة وكم حذرت النصوص الشرعية من ضياعه في المحرمات واللهو واللعب والقيل والقال
2 - قيمة العمل المبذول فيه وهو ما كان يسأل عنه الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم بقولهم : " ما. احب العمل إلى الله... أو أفضل العمل أو نحو ذلك وليس الأمر مقصورا على الشرعيات بل الأمور الدنيوية تتفاوت فيها المصالح ويظهر فضل بعضها على بعض
3- : تقديم أولى الأعمال وأفضلها عند تزاحم الأعمال أو يكون الشخص مخير بين عدة أعمال فما كانت ثمرته أكبر أو وقته قد حل فهو أولى بالتقديم فأداء العبادة في وقتها أفضل من الاشتغال بغيرها وأداء العمل الواجب في مكان العمل وزمانه أفضل مما يمكن تأديته في وقت لا حف أو لا ضرر من فواته
4- : ترتيب أعمال وإن كانت ليست واجبة تقلص من اتساع وقت الفراغ : كترتيب وظائف وأعمال ليست واجبة لكنها مفيدة تقضي على الفراغ بما فيه فائدة آنية ومستقبلية : أذكار أو قراءة أو نشاط أو دورة علمية أو تربوية أو تعلم لغة أو مهارة
5 - المداومة على العمل وتركيز الجهد في مجال أو فن واحد حتى يحقق الهدف منه والحذر من الانقطاع
6 - تقويم الأعمال وقياس المكاسب ينشط على متابعة الجهد حتى يحصل على المزيد من الثمار كم تعلمت خلال العام ؟ أو الشهر ؟ أو الأسبوع ؟ وما مدى تحسن ذاكرتي أو مهارتي ...
7 - الحذر من تأثير الفوضويين والتماهي مع الفوضى كما الله تعالى " وكنا نخوض مع الخائضين " أي نشاركهم في الباطل تقليدا لهم بلا وعي ولا تفكير في العاقبة
محمد ناصر العاقل