آخر تحديث :الخميس-18 سبتمبر 2025-03:43ص

مكانة حضرموت في التسوية السياسية

الثلاثاء - 19 أغسطس 2025 - الساعة 06:02 م
د. خالد سالم باوزير

بقلم: د. خالد سالم باوزير
- ارشيف الكاتب


حضرموت أرضٌ وشعبٌ وثرواتٌ متنوّعة ضُمّت إلى دولة الجنوب عام 1967 ، وهي تُشكّل ثلثي مساحة هذه الدولة الجنوبية ، وقد مُنحت اسم "المحافظة الخامسة"، وهي تسمية مقصودة من قبل الجبهة القومية في محاولة منها لطمس الاسم والحضارة وإلغاء هوية الشعب الحضرمي الذي نشر الإسلام والثقافة العربية والمذهب السني المعتدل في قارات ومناطق كان من الصعب الوصول إليها إلا بعد عناء السفر وتحمل المخاطر ..


وقد ضُمّت حضرموت قسرًا حتى عام 1990، بعد اندماج "جمهورية اليمن الديمقراطية" مع "دولة الشمال اليمني"، لتشكّل مساحتها ثلث الجمهورية الموحدة ، تنفّس الحضارم الصعداء آنذاك على أمل أن يجد الحضرمي مكانته في هذه الدولة الجديدة، لكنّها كانت النكبة الثانية. ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، ما تزال حضرموت ترزح تحت أزمات وحروب بدأت منذ 1994 وحتى 2015 ، وما تزال المأساة قائمة ومستمرة ..


من المؤسف أن من أدخل حضرموت في النكبة الأولى عام 1967، هم من أدخلوها أيضًا عنوة في النكبة الثانية في مايو 1990. وها نحن اليوم، في عام 2025 نشاهد حضرموت وشعبها يعانيان مرارة العيش في كل نواحي الحياة ..


انتهت الدولة التي كانت تُسمّى "اليمن الموحد". فبعد احتلال الحوثي للعاصمة صنعاء وطرد قيادات الدولة إلى الخارج، فُرض أمر واقع جديد، ودخلنا مرحلة سياسية شديدة التعقيد ، ولو عدنا إلى ما بعد 2015، حين دخلت قوات القاعدة إلى حضرموت ثم خرجت منها في حرب خاطفة بمساعدة قوات التحالف ، استبشر الحضارم خيرًا لكنها كانت مجرد بداية لأزمات متتالية ، تدهورت الخدمات وانهارت الكهرباء واستمر نهب الثروات التي تُصرف لصالح قوى ومكوّنات وأحزاب وشخصيات نازحة من الشمال اليمني ..


الخاسر هو الشعب الحضرمي، الذي أصبحت ثروته نقمة عليه بدلًا من أن تكون مصدر رخاء وانتعاش. واستمرت الصراعات بين الحوثي وما يُسمى "الشرعية"، وتواصل النهب حتى تم استهداف موانئ التصدير وتوقّف تصدير النفط الحضرمي إلى الأسواق الدولية، دون أن تحصل حضرموت على حصتها من الثروة، رغم قرار الرئيس هادي بتخصيص 30% منها لحضرموت .


حصلت حضرموت على بعض من نسبتها لكنها لم تؤثر على الوضع الاقتصادي أو الخدماتي، بل انعكست فقط على المسؤولين، في نمو ثرواتهم، وتحسن معيشتهم، وبيوتهم الفاخرة.


في تسوية 2025 جعلوا حضرموت خارج القسمة ، وفي الأيام القليلة الماضية، تتوالى التسريبات بشأن تسوية مرتقبة بين الأطراف المتصارعة في اليمن. وتشير هذه التسريبات إلى تقسيم الثروة على النحو الآتي:

الحوثي: 60%

الشرعية والجنوب: 40%


وهنا تُطرح تساؤلات خطيرة:

أين موقع حضرموت في هذه القسمة الظالمة؟

من الذي يملك الحق في توزيع ثروات حضرموت؟

ولماذا لم يُذكر اسم حضرموت في هذه التسوية؟

من يمثل حضرموت في هذه التسوية؟

هل للرباعية الدولية دور في فرض هذا التوزيع؟

لمن تُعطى نسبة الـ40%؟ للشرعية النازحة أم لمحافظات الجنوب الأخرى؟


الواقع يقول أن من لا يملك الأرض والثروة لايحق له أن يفرض أي تسوية وقسمة دون أن يُوافق عليها أهل الأرض الحضارم ، وإذا لم تتوحّد الكلمة والصف الحضرمي، ولم يقف الجميع خلف حلف حضرموت الممثل الأقوى للشعب الحضرمي، فلن يكون لحضرموت أي موضع أو مكانة في هذه التسوية المزعومة ..


الشرعية اليوم تتغنّى بإمكانية استئناف تصدير النفط لتعزيز العملة اليمنية المنهارة. لكن رغم ذلك، على الحضارم أن يحققوا الأمور التالية، إذا أرادوا مقعدًا على طاولة الاتفاقات ..


لضمان حقوق حضرموت علينا :

أولًا : توحيد الصف والكلمة

الوقوف صفًا واحدًا مع حلف حضرموت، والمطالبة بتنفيذ مطالب حضرموت أولًا، وفق جدول زمني واضح ومحدد، دون تسويف أو مماطلة ..

ثانيًا : بناء قوة حضرمية مستقلة

يجب على حلف حضرموت وكل الحضارم الحريصين الاستمرار في بناء قوة حضرمية وألوية عسكرية في كل مناطق حضرموت من أبنائها أنفسهم ؛ دعمًا للمطالب المشروعة إلى جانب النخبة الحضرمية ..


قد يعترض البعض، وقد ترفض الشرعية أو التحالف، لكن لماذا أُسست قوات في الجنوب تابعة للانتقالي أو غيره ووافقوا عليها ؟! لذلك يجب اللجوء إلى دول التحالف لدعم وتسليح هذه القوات الحضرمية، حتى يصبح لحضرموت صوتٌ مسموع لدى القوى السياسية في اليمن، شمالًا وجنوبًا ..


من دون امتلاك القوة العسكرية، وتوحيد المواقف، ودعم حلف قبائل حضرموت، لن يكون لحضرموت موقف ورأي في التسويات والمفاوضات مع الآخرين ..


لسنا ضد أي مكوّن ، لكننا نريد حقوق حضرموت وثرواتها لشعبها، بنسبة معقولة يرضى بها الشعب الحضرمي عبر ممثليه ، أو عبر استفتاء شعبي حضرمي على نتائج التسوية ، لا من خلال فرض أمر واقع إجباري وقسري .


والله من وراء القصد.