كنت طالباً في أول ثانوي عام ١٩٨٨م، في ثانوية جواس بمودية، ولم تكن حينها في المديرية ثانوية غيرها، ومن محاسن ذلك أنها تصنع تعارفا وصداقة وعلاقات بين أبناء المديرية من جميع القرى، ويجتمع فيها عدد كبير من الطلاب، فكان صفنا مثلاً حينها أربع شعب ( أ . ب . ج . د . ) .
كان في الصف الرابع الثانوي أربعة طلاب مشهورون بالذكاء والنبوغ والتميز، فكنت أنظر إليهم بإعجاب شديد، حتى أني لا أزال أتذكر طريقة لبسهم ومشيهم وحركاتهم إلى الآن، وكنت أحلم أن أكون مثلهم، وكأنهم العباقرة الذين نراهم في الكتب حينها، صناع الثورة الفرنسية، أو عباقرة الفن الإيطالي، أو عباقرة العلوم (مندليف ومندل وإمبير وواط وفوهلر) ربما أن ذلك التضخيم الذي صنع في ذهني بسبب صغر سني، وبحكم إني بدوي جئت من قرية صغيرة جداً، المهم هذه النظرة إليهم جعلتني أحياناً أحسدهم، رغم إني كنت متقدماً في دراستي، وحصلت على جوائز تفوق، ولكني أشعر أني لن أصل إلى مصاف هؤلاء العظماء الأربعة (عبد المنعم باعزب - عبد العزيز الحمزة - عبد المنعم العاقل - محمد الحيمدي) .
تخرج هؤلاء الأربعة وانقطعت عني أخبارهم، وانهمكت أنا بدراستي الثانوية، شقوا طريقهم في الحياة، وأنا أتنقل من صف إلى صف.
ولكن الذي كنت متأكداً منه أن عبد المنعم باعزب سيكون طبيباً كبيراً، وسبب قناعتي تلك أن أباه هو الدكتور (علي باعزب) أشهر طبيب في ذاك الزمان،حتى أن الناس يشبهونه بالعافية، وهو الوحيد الذي كان يملك صيدلية خاصة في زمن القطاع العام ( صيدلية الفتح) ..
صدقت فراستي، فذهب عبد المنعم باعزب إلى كلية الطب بجامعة عدن وتخرج بتفوق في قسم (طب عام وجراحة)
ثم انطلق في عالم الطب :
الزمالة البريطانية في طب الباطنة.
عضو الهيئة السعودية للتخصصات الطبية .
المدير الطبي لمراكز الرعاية الصحية الأولية بجدة.
مستشفى الملك عبدالعزيز، ومركز الأورام في جدة
المجموعة السادسة للرعاية الصحية الأولية مدائن الفهد شمال وجنوب جدة .
عضو الجمعية الأوروبية لطب الباطنة.
عضو جمعية القلب السعودية .
وهكذا تحققت فراستي في ذاك الطالب العبقري، وحقق الرجل أحلامه، ولا يزال يرتفع نجمه في دنيا الطب، ولا يزال إلى هذه اللحظة يتنقل بين أفخم المستشفيات في المملكة العربية السعودية.
نسأل الله له التوفيق في الدنيا والآخرة ..