آخر تحديث :الثلاثاء-16 سبتمبر 2025-03:33ص

تحولات نوعية في السياسة النقدية والإصلاحات الاقتصادية تعزز الاستقرار في اليمن

الخميس - 04 سبتمبر 2025 - الساعة 07:33 م
نجيب الكمالي

بقلم: نجيب الكمالي
- ارشيف الكاتب


يشهد اليمن مناطق الشرعية في الآونة الأخيرة سلسلة من التحولات النوعية على الصعيدين المالي والاقتصادي، تقودها مؤسسات الدولة وفي مقدمتها البنك المركزي اليمني بعدن، مدعومة بدور دولي متنامٍ يستهدف تعزيز الاستقرار والتنمية. هذه الخطوات تمثل بداية مسار جديد نحو بناء قطاع مالي أكثر صلابة، قادر على دعم الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات المتزايدة.


فقد برزت جهود البنك المركزي، بقيادة الأستاذ أحمد المعبقي محافظ البنك، وفريقه الإداري وعلى رأسه الأستاذ هاني بشر مدير عام الرقابة والتفتيش، كأحد أهم محاور الإصلاح المالي في المرحلة الراهنة. وتمكن البنك من اتخاذ إجراءات عملية لتعزيز الاستقرار النقدي، وفرض قواعد صارمة للرقابة على البنوك والمؤسسات المالية بما ينسجم مع المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وقد انعكست هذه السياسات بشكل إيجابي على أداء البنوك التجارية التي رفعت مستوى التزامها بمبادئ الحوكمة وإدارة المخاطر، وتوسعت في تقديم خدمات مصرفية مبتكرة، وهو ما ساهم في تعزيز ثقة العملاء وتحسن نسبي في سعر الصرف.


وفي مواجهة محاولات بعض شركات الصرافة التلاعب بالسوق عبر ارتباطها بجماعة الحوثي للتأثير على سعر العملة، تمكن البنك المركزي من ضبط السوق من خلال بيان حازم أكد فيه التزامه بسياسة تدريجية ومتوازنة في تحديد أسعار الصرف. وقد ساعد ذلك على إنهاء الاضطراب وكبح المضاربات وحماية الاستقرار النقدي.


وفي خطوة مهمة على طريق الإصلاحات، أصدر البنك المركزي قرارًا بنقل الصندوق الاجتماعي للتنمية إلى عدن، وتعيين الأستاذ وسام عبدالله قائد مديرًا للصندوق. هذا القرار يعكس توجهًا حكوميًا لتعزيز السيطرة على الأموال الدولية المخصصة للمشاريع التنموية، وإنهاء استحواذ الميليشيات الحوثية على مئات الملايين من الدولارات التي كانت تستخدم لتمويل أنشطتها العسكرية. كما يضمن نقل الصندوق إلى عدن توجيه التمويلات الدولية نحو المشاريع التنموية في مجالات التعليم والصحة والمياه والبنية التحتية، بما يعزز الشفافية والثقة بين الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي.


إلى جانب هذه الجهود، برز تحول واضح في الموقف الدولي تجاه اليمن، حيث اتجهت العديد من الدول والمنظمات إلى تقديم دعم مباشر للحكومة الشرعية. هذا الدعم لم يقتصر على المساعدات المالية فقط، بل شمل أيضًا الدعم الفني والاستشاري، في إطار الجهود الدولية للحد من المضاربات بالعملة وتجفيف مصادر التمويل الحوثي. كما أبدت الصين والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي استعدادًا لتقديم قروض واستثمارات لدعم مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة، فيما تواصل الولايات المتحدة تقديم دعم مالي وعسكري لتعزيز قدرات الحكومة اليمنية.


إن هذه الخطوات، سواء على مستوى إصلاح السياسات النقدية، أو تعزيز السيطرة على الأموال الدولية، أو الدعم الدولي المتنامي، تمثل مجتمعة تحولًا نوعيًا في المسار الاقتصادي لليمن. ورغم جسامة التحديات، إلا أن المؤشرات تؤكد أن هذه الإصلاحات تمهد الطريق لبناء قطاع مالي ومصرفي أكثر صلابة، قادر على دعم الاستقرار النقدي وتحريك عجلة التنمية في البلاد.