آخر تحديث :الإثنين-08 سبتمبر 2025-11:05م

سبتمبر قاهر المشروع السلالي عبر التاريخ

السبت - 06 سبتمبر 2025 - الساعة 01:39 م
عبدالعزيز الحمزة

بقلم: عبدالعزيز الحمزة
- ارشيف الكاتب


(هذا المقال الثاني ضمن سلسلة مقالات سبتمبر الثورة)

أنثري الشهب حولنا ياسمـاء

واسكبي الضؤ و الندى ياذُكـاء

عاد ايلـول كالصبـاح جديـدًا

سحقت في طريقـه الظلمـاء

يبعث الروح في الوجود ويسري

في دمانا كمـا يـدب الشفـاء

ينشر الحُب والسـلام ويبنـي

نعم بـانٍ لنـا ونعـم البنـاء

لم يكن السادس والعشرون من سبتمبر يومًا عاديًا في حياة اليمنيين، بل كان مفرق طريق بين زمنين: زمن العبودية الممهورة بختم "الحق الإلهي"، وزمن الحرية الذي صاغه الشعب بدمه وعرقه وحلمه. لقد أطاح اليمنيون بجدار القرون المظلمة، فأسقطوا دولة السلالة التي أرادت أن تحتكر السماء والأرض، وأن تجعل من اليمنيين مجرد خدمٍ على أطراف "العترة المقدسة".

سبتمبر لم يأتِ من فراغ، بل كان حصيلة نضالات ممتدة، من ثورة 1948 الدستورية، إلى انتفاضات 1955 و1959، حتى دوّى البركان في 1962 معلنًا ميلاد الجمهورية. لم يكن حدثًا عابرًا، بل كان زمنًا يتجدد في ضمير الأمة، ومشروعًا للتحرر لا يموت.

وإذا كان الأئمة بالأمس قد رفعوا سيوف "الاصطفاء"، فإن الحوثيين اليوم أعادوا إنتاج الخطاب ذاته بثياب جديدة، لكن بروحٍ أشد ظلامًا. أرادوا أن يعيدوا عجلة التاريخ إلى الوراء يوم 21 سبتمبر 2014، فاحتلوا صنعاء في ذكرى تنصيب آخر أئمتهم الكهنوتيين، البدر. كأنهم يقولون: "لقد عدنا". لكنهم لم يدركوا أن اليمنيين الذين كسروا السلالة بالأمس، لن يسمحوا لها أن تستعبدهم من جديد.

سبتمبر ليس ذكرى باردة في كتاب التاريخ، بل هو شهر يحبه اليمنيون… وهو يحبهم. ففي كل بيت يمني، وفي كل قرية وجبل ووادي، هناك قصة مقاومة ودمعة فرح وصرخة حرية ارتبطت بقدوم سبتمبر. مع كل فجرٍ من هذا الشهر، يستعيد اليمنيون شعورهم الأول: أنهم كُتبوا للجمهورية، وأن دماء الشهداء لم تُسفك عبثًا.

ولعل صوت البردوني يصدح هنا من قصيدته الخالدة الحكم للشعب، فيرسم بريشته الثورية معنى سبتمبر:

يا صرعة الظلم شقّ الشعب مرقده

وأشعلت دمه الثارات والضِّغن

ها نحن ثرنا على إذعاننا وعلى

نفوسنا واستثارت أمنا "اليمن"

"شمسان" سوف يلاقي صنوه "نُقماً"

وترتمي نحو "صنعا" أختها "عدن"

المجد للشعب والحكم المطاع له

والفعلُ والقولُ وهو القائل اللَّسِن

هكذا كان سبتمبر ثورة على الخضوع قبل أن يكون ثورة على الحكم، وكان تحريرًا للنفس قبل أن يكون تحريرًا للوطن. واليوم، يعود التحدي ذاته: أن نثور على ضعفنا وتشتتنا، أن نستنهض في ذواتنا روح سبتمبر الأولى، ثم نحملها في ميادين القتال والسياسة والفكر والإعلام، لنكمل المسيرة التي لم تنقطع.

فالجمهورية ليست نظامًا فحسب، بل قدر هذا الشعب، وصوت التاريخ الذي يهتف: "لن يُستعبد اليمني بعد اليوم".

،، لن ترى الدنيا على ارضي وصيا…


✍️ عبدالعزيز الحمزة

السبت ٩ سبتمبر ٢٠١٥م