في هذا النص الغنائي ، تنبعث أنفاس الحنين من بين السطور ، كأن الشاعر عمر عبدالله نسير يقف على أطلال قلبه ، يتأمل ما كان من صفاء ، وما آل إليه من انكسار . يبدأ باستغراب : "تسألني كيف الحال؟"، وهو سؤال عابر في الظاهر، لكنه يحمل في طياته مرارة الذكرى ووجع المعرفة، لأن السائل، ببساطة، هو سبب تغير الحال .
في قوله: "وانته دي شغلت البال، من غيرك شغل بالي"، يتجلى الاحتلال العاطفي الكامل الذي أحدثه هذا الحبيب في حياة المتكلم . لم يترك له مجالاً للتفكير في سواه .. وكأن الحب تحوّل إلى قيد شفاف ، لا يُرى ، لكنه يضغط على الروح .
ثم تأتي المفارقة القاسية: "قبلك كان حالي عال، طول عمري وأنا سالي"
فيها نغمة حنين لحياة ما قبل الحب ، حياة البساطة والاتزان العاطفي ، حيث لم يكن للقلب جروح ، ولا للعين دموع . وكأن الحبيب لم يكن بداية حياة، بل بداية قلق دائم واشتياق لا يُروى . ويصل النص إلى ذروته الشعورية مع : "أما اليوم دمعي سال، حتى الخصم يرثى لي"
هنا تتجسد الذروة التراجيدية في الحب: لم يعد الألم خفياً، بل أصبح ظاهراً حدّ أن يرق له حتى الأعداء. إنها مبالغة شعرية، لكنها تصيب الهدف : تصوير حجم الانكسار الذي لا يُخفى على أحد .
إن هذا النص الغنائي لا يحكي قصة حب فقط، بل يرسم لوحة وجدانية، تتداخل فيها الألوان بين فرحٍ غابر وحزنٍ حاضر، بين قلبٍ كان ساكنًا فأيقظه الحب ليتركه في دوامة لا تهدأ .