عودة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، إلى العاصمة المؤقتة عدن، برفقة عضوي المجلس الشيخ سلطان العرادة والدكتور عبدالله العليمي، تمثل رسالة سياسية واقتصادية في آن واحد. هذه العودة ليست مجرد انتقال جغرافي، بل هي إعادة تموضع للشرعية في قلب المشهد، حيث يجب أن تكون القيادة وسط مؤسساتها وحكومتها وشعبها.
إنّ اللقاءات الموسّعة التي يتهيأ الرئيس لعقدها مع الحكومة، والبنك المركزي، والسلطات المحلية، تحمل في جوهرها أجندة إصلاحية ملحّة؛ فاليمن اليوم بحاجة إلى حوار جاد حول السياسات المالية والاقتصادية، ليس فقط لمعالجة الاختلالات، بل لبناء منظومة استقرار طويل الأمد تُعيد الثقة إلى العملة الوطنية وتنعكس على الخدمات الأساسية للمواطن.
من المهم التأكيد أن وجود شخصيات قيادية بحجم سلطان العرادة – برمزيته القبلية والسياسية – وعبدالله العليمي – بخبرته الإدارية والدبلوماسية – إلى جانب الرئيس، يعكس إرادة جماعية داخل المجلس الرئاسي لتجاوز مرحلة الجمود. فالتوازن بين الكفاءات والخبرات المختلفة يوفّر فرصة حقيقية لاتخاذ قرارات صعبة، لكن ضرورية، لإصلاح الاقتصاد وإنعاش المؤسسات.
ما ينتظره الشارع اليمني اليوم ليس فقط البيانات، بل خطوات ملموسة في ملف الخدمات: كهرباء، مياه، مرتبات، وبيئة استثمارية قادرة على خلق فرص عمل. هنا يأتي دور اللقاءات مع السلطات المحلية، فهي الأقدر على تشخيص احتياجات المحافظات وربطها بخطط الحكومة المركزية.
العودة إلى عدن بهذا الشكل هي رسالة طمأنة داخلية وخارجية:
داخلياً: أن الدولة ما زالت موجودة وتعمل من قلب الأرض اليمنية، لا من العواصم الخارجية.
وخارجياً: أن الشرعية تمتلك قيادة فاعلة وقادرة على إدارة الملفات الحساسة، بما يمنحها وزناً في أي مسار سياسي دولي.
إنّ تعزيز الاستقرار المالي وتحسين الخدمات ليس رفاهية، بل هو أساس معركة الشرعية في مواجهة كل التحديات. وإذا نجح الرئيس ومجلسه في تثبيت الإدارة الاقتصادية والإصلاح المؤسسي، فإن ذلك سيكون بمثابة بناء الحصن الأول لمناعة الدولة اليمنية.