يا جماهير سبتمبر وأكتوبر، يا حماة الديار في الريف والبندر… ثورتان عظيمتان دفع ثمنهما الأحرار والشرفاء والمناضلون من أرواحهم وأموالهم واستقرارهم. منهم من قُتل، وآخر شُرد ونُفي، وثالث سُجن وسُحل. لكن النوايا كانت صادقة، والقلوب ترنوا إلى الحرية والانطلاق نحو مواكبة التحرر والاستقلال، لتغدو بلادنا أفضل وأكرم.
غير أن الحقيقة المؤلمة أن تغيير الواقع المزري لا يتحقق بالثورة وحدها، بل لا بد من وضوح الرؤية لما بعد النتيجة. فالثورات لا تُخلد بصرخاتها فقط، بل بما يُبنى بعدها من مؤسسات راسخة، وعدالة منصفة، وكرامة مصانة. وحين يغيب المشروع الجامع، تضيع التضحيات بين الشعارات، ويظل الحلم معلقا في فضاء الانتظار.
وبعد مرور السنوات الطوال، تأكد لنا أننا فقط دائما ثوار… ولا شيء غيره، ولا بعده. ثوار نرفع الهتافات ونحمل الأمل، لكننا لا ننتقل إلى مرحلة البناء. إن الثورة الحقيقية ليست في لحظة الانفجار فحسب، بل في قدرتنا على تحويل دماء الشهداء إلى دولة، وأحلام الأحرار إلى واقع حيّ. وإلى أن نخطو تلك الخطوة، سنظل ندور في الدائرة ذاتها… ثوار إلى ما لا نهاية.