آخر تحديث :الإثنين-15 سبتمبر 2025-09:45م

تضخيم القرارات الأخيرة... إهانة للوعي المجتمعي الذي أعقب استقالة سالم ثابت العولقي

السبت - 13 سبتمبر 2025 - الساعة 05:56 م
حسان عبدالباقي البصيلي

بقلم: حسان عبدالباقي البصيلي
- ارشيف الكاتب


أحد الأسباب التي أفشلت المجلس الانتقالي الجنوبي خلال السنوات الماضية، السخط الإعلامي الذي يحدث مع كل قرار يتخذه، على الرغم من أن تلك القرارات السابقة أو الحالية لم تُحدث أي تغيير على الواقع اليومي الذي يعيشه المواطن الجنوبي، بل أصبح المواطن أكثر وعياً بعد أن رأى وشاهد أن المجلس مشروع وهمي يحمي لوبي كبيراً من الفاسدين المقرّبين منه. وما التصدي وعرقلة قرار الإصلاح والتغيير في هيئة الأراضي إلا مثال بسيط، رغم أن هناك الكثير من الملفات لا تقل أهمية عن فساد الأراضي وتحتاج إلى التغيير والإصلاح. ولأن الفساد والفاسدين محميون من قبل الصف الأول في قيادة المجلس، يبقى الإصلاح الذي تحتاجه كل مؤسسات الدولة في عدن أحد الأحلام التي لن تتحقق إلا بعد رحيل كل الوجوه التي تسيطر وتتحكم في المشهد في هذه المدينة.


كل الأحداث مع هذا المجلس وُصفت بالأحداث التاريخية، ومنها إشهار المجلس، واتفاق الرياض، وقراراتهم الأخيرة. أين التاريخ ونحن في عاصمة تفتقر لأبسط الخدمات كالماء والكهرباء؟ وأين التاريخ ونحن عشر سنوات نغرق في الفساد ولم نستطع أن نقدم نموذجاً يمكن البناء عليه في بناء الدولة التي ننشدها وندّعي قيامها؟ وأين التاريخ ونحن نتسول الودائع والمرتبات من الغير؟ فهل ستكون دولتنا القادمة غير مُلزَمة بواجبات تجاه الشعب كتلك المسيرة القرآنية في الشمال! أم أن الدولة القادمة ستكون ملكية خاصة بفئة معينة من الناس فقط، وليس فيها للمواطن أي حقوق كالمرتبات والتعليم والصحة والمساواة والعدالة! كل هذه التساؤلات اليوم تؤكد فشل مشروع المجلس الانتقالي رغم عدالة القضية.


فقرار استقالة سالم ثابت العولقي بعد عرقلة قراراته في إصلاح هيئة الأراضي أحدث وعياً مجتمعياً كبيراً أبرز الانتقالي كأحد أدوات الفساد. فهروب قيادة الانتقالي من الواقع ومحاولتهم التغطية بقرارات أخرى وحجب الرؤية عن المتابع الذي كان يراقب ما قام به رئيس هيئة الأراضي الشاب سالم ثابت العولقي، الذي حاول أن يصحح أحد الملفات التي تدر مليارات الريالات على قيادات في المجلس، جعل سالم يدفع ثمن محاولته في الإصلاح مُكرهاً لا بطلاً باستقالة رفعت من شأنه كأحد رجال البلد الشرفاء والمخلصين. ولم يسبقه في ذلك إلا محافظ عدن السابق المفلحي الذي ترك المحافظة سابقاً بعد أن أدرك حقيقة أن الفساد ومن يحميه سينتصرون عليه، فقرر ترك المحافظة باستقالة مماثلة.


فليس هناك أي داعٍ لتضخيم أي قرارات لا تساهم في محاربة ملفات الفساد، ولا داعٍ لتضخيم قرارات لن يكون لها أثر على حال المواطن. ستمر هذه القرارات بشكل طبيعي وسوف يقرّها أعضاء المجلس الرئاسي لأن الغرض منها كان هيئة الأراضي، فهي قرارات انتفاع شخصي وتقاسم نفوذ وتمكين الانتقالي وإغراقه أكثر في الفساد، لكي يُقدَّم للرأي العام كأحد مشاريع الفساد التي سيفشل الإصلاح في ظل وجودها على الأرض، وهذا هو الواقع.


فمن لا يستطيع التحكم بذاته وجشعه وأنانيته، ليس مناسباً لتولي أي مناصب عليا في الدولة، حيث يجعل من مصالحه الشخصية فوق مصالح الدولة والشعب. وهذا حال المجلس الانتقالي وقياداته الذين لم يقدموا أي برامج أو مشاريع ينتفع منها أبناء الجنوب طوال عشر سنوات. لقد أصبح الوعي المجتمعي اليوم متقدماً ويراقب كل الأحداث بشكل يومي، فكيف بمن يحاول مغالطة هذا الوعي بقرارات عادية لن يكون لها أي أثر على المنظور القريب أو البعيد، بعكس قرارات الإصلاح في هيئة الأراضي التي أحدثت زلزالاً في منظومة الفساد تجلّى ذلك بوضوح بالإطاحة بها وبمن أصدرها.


لمن لم يعرف المجلس، أو لا زال يثق به، انكشف الغطاء، وتجلّت الحقيقة. لقد كشف سالم الغُمّة عن الجميع، وبدأ المواطن يُدرك أن الوطن وإيراداته ومدخراته يتحكم بها الذات والأنانية والمصلحة الشخصية ولكن بمسميات وشعارات مختلفة: كالجنوب قادم في الجنوب، والموت لأمريكا وإسرائيل في الشمال. ولا زلنا كيمنيين في وسط هذه الشعارات، فلا الجنوب تقدّم ولا أمريكا وإسرائيل ماتت.