آخر تحديث :الجمعة-19 سبتمبر 2025-02:19ص

السعودية وباكستان.. تحالف ردع تاريخي للأمن الإقليمي

الخميس - 18 سبتمبر 2025 - الساعة 08:32 م
احمد سالم فضل

بقلم: احمد سالم فضل
- ارشيف الكاتب


في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، أقدمت المملكة العربية السعودية بقيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على خطوة استراتيجية جريئة، تمثلت في توقيع اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك مع جمهورية باكستان الإسلامية. هذه الاتفاقية لا يمكن قراءتها باعتبارها مجرد تفاهم عسكري ثنائي، بل هي إعلان عن ميلاد مرحلة جديدة في معادلة الأمن الإقليمي، ورسالة واضحة بأن المملكة تتقدم الصفوف لتقود زمن التهديد بحكمة وعزم.

التحالف السعودي–الباكستاني ليس وليد اللحظة، بل يستند إلى روابط تاريخية ودينية وسياسية متجذرة، لكن الجديد هذه المرة هو تحويل هذه العلاقة إلى شراكة دفاعية مُلزمة، بحيث يُعتبر أي عدوان على أحد الطرفين اعتداءً على الطرفين معًا. وبهذا، تنتقل السعودية من موقع الدفاع المنفرد إلى موقع الشراكة الاستراتيجية التي تضيف بعدًا إقليميًا ودوليًا لقوتها الرادعة.

قراءة في دلالات الاتفاقية

إن توقيع هذه الاتفاقية يأتي في توقيت حساس، بعد تصاعد التوترات الإقليمية وما رافقها من تهديدات غير مسبوقة على أمن الخليج. وهنا، يبرز ذكاء القيادة السعودية في تنويع مصادر القوة، وعدم الارتهان للضمانات الدولية التقليدية التي أثبتت محدوديتها في أوقات الأزمات.

الاتفاقية تفتح الباب أمام تعاون عسكري واستخباراتي ولوجستي واسع النطاق، وتمنح البلدين القدرة على مواجهة التهديدات بشكل أكثر تكاملًا. ورغم أن بعض التحليلات الإعلامية أشارت إلى البعد النووي في ظل كون باكستان دولة نووية، إلا أنه لم يرد في البيانات الرسمية ما يؤكد أو ينفي ذلك. الأكيد أن الاتفاقية بحد ذاتها كفيلة بتغيير حسابات الخصوم، وإعادة التوازن إلى معادلة الردع.

دعوة لدول الخليج العربي

من هنا، فإن الرسالة التي توجهها المملكة عبر هذه الخطوة ليست موجهة إلى الأعداء فقط، بل أيضًا إلى الأشقاء في الخليج العربي: آن الأوان لنعيد صياغة مفهوم الأمن المشترك، لا على الورق والشعارات، بل من خلال اتفاقيات حقيقية، وشراكات استراتيجية تُترجم على الأرض. إن الأمن القومي الخليجي لا يمكن أن يُصان بالتمنيات، بل بقرارات شجاعة تعكس وحدة الصف والعزيمة على حماية الكرامة والسيادة.

محمد بن سلمان.. قيادة المرحلة

لا يمكن تجاهل أن هذه الاتفاقية تحمل بصمة واضحة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أثبت مرة أخرى أنه رجل المرحلة وصانع التحولات الكبرى. فمن رؤية 2030 إلى إعادة بناء مفهوم الأمن الوطني والإقليمي، يقود ولي العهد مسارًا تاريخيًا يجعل من المملكة لاعبًا محوريًا في صياغة المستقبل.


خاتمة

إن ما حققته المملكة عبر هذه الاتفاقية هو إنجاز تاريخي سيبقى حاضرًا في ذاكرة الأمة، وخطوة أولى نحو خريطة جديدة للأمن والاستقرار. وواجبنا اليوم أن نحيي هذه المبادرة الجريئة، وأن ندعو بقية دول الخليج العربي إلى السير في الاتجاه ذاته، فالمصير واحد، والتحديات مشتركة، والردع لا يتحقق إلا بالوحدة والشراكة.