ثورة السادس والعشرين من سبتمبر مازالت عرضة للتأمرات الداخلية والخارجية حتى غدت محل للانتهكات المتوالية التي تحاول النيل من ثورة الشعب اليمني التي ولدت من رحم معاناة الشعب اليمني في ظل حكم المملكة المتوكلية التي قامت بعد رحيل التواجد العثماني في عام 1918م وإعلان الملكية الإمامية كشكل للحكم على الأجزاء التي كانت تحت سيطرة العثمانيين والذي كان امتداد لبذرة الإمامية التي بذرها الإمام الهادي بعد استقراره في أرض صعده شمال شمال اليمن قادما من الحجاز ليضع الأساس واللبنات الأولى للمذهب الهادوي الذي انبثقت منه مذاهب الشيعة ومنها المذهب الزيدي نسبة لزيد بن علي بن الحسين.
ومع ربيع ثورات التحرر العربي المتصاعد في أواخر خمسينات القرن الماضي وستينياته وانتصار الثورة المصرية ودعم عبدالناصر لكل ثورات التحرر العربي بأهدافه المعلنة وهي الوقوف إلى جانب الشعوب العربية التي ترزح تحت وطأة الإستعمار الأوروبي وأهداف غير معلنة في وقوفه إلى جانب شمال اليمن وجنوبه بدعم الضباط الأحرار في الجيش الملكي للمملكة المتوكلية الذين استلهموا دفع الموج الثوري لثورات التحرر العربية وعلى رأسهم عبدالله السلال وكذا دعم مصر لجبهة التحرير لتحرير شمال اليمن ودعم النظام الجمهوري وكذا تحرير جنوبه وإعلان النظام الجمهوري تحت قيادة التحريرين لتبقى مصر عبدالناصر مشرفة على كل الممر المائي للبحر الأحمر شماله من قناة السويس بعد قرارات تأميمها وجنوبه في باب المنذب.
تعرضت ثورة الشمال السبتمبرية لهجمات شرسة من قبل الملكيين فيما كان يعرف بحصار السبعين ورغم إحرازها النصر إلا إن تغلغل المشايخ إلى صف الثورة ومغادرتهم صفوف الملكية لحسابات لا يعلمها إلا هم في ظل موازنة القوى المنتصرة ولم تنتهي تلك الهجمات بل ظلت تعاني الثورة من الداخل والخارج لأزهاق انفاسها وقطع وريدها بأعلان قيادات ممن كانوا في صفوف الملكية وممن ينتمون للطائفة الإمامية الإنضمام لصفوف قيادة الثورة رغم أن كثيرا منهم لم يتجرد من ولائه للقبيلة وعبوديته للمذهبية وخضوعه للسلالية لينخروا أهداف الثورة من الداخل وهدفهم الأول غير المعلن إضعاف الثورة والإنقضاض عليها من الداخل ولم يكن خفي دور المملكة السعودية في دعم الملكين للانقضاض على النظام الجمهوري الوليد وخنق الثورة في مهدها قبل أن تنمو وتقوى سرا وعلنا ماديا ومعنويا .
تعاقبت الأحداث المؤلمة والمؤامرات التي حاولت تغيير مسار أهداف سبتمبر من أحزاب شتى وليس بخفي كيف اسقط السلال تحت حجة انه ناصري الصبغة ليصل الإرياني إلى دفة الحكم ليفتح الطريق امام المشائخ والسادة ليتسلقوا إلى منافذ السلطة قبل أن يتم تصحيح الوضع بانقلاب ابيض يوصل الحمدي إلى قمة السلطة لتصحيح الأوضاع لكن هيهات هيهات أن يهدأ بال أعداء الثورة في ظل تصحيحات الحمدي فعاد لهيب المؤامرات من الداخل والخارج يشتعل للقضاء على الثورة باغتيال رأس النظام وتوالت الأحداث حتى قام الناصريين بمحاولة اسقاط الثورة في اواخر سبعينيات القرن الماضي ومازالت المؤامرات تعتمل سرا وعلنا حتى سقطت الثورة فريسة الملكية بعد ربيع الثورات العربية الخريفي وتسلق الملكيين في صورة ثورية مزيفة مرتدون الطائفية تحت عباءة الحوثي و تواطؤ النظام المنهار بعقد صفقة الشراكة الموبؤة مع الحوثيين الذي انتهت بوصولهم إلى كل مراكز قيادة الدولة وسيطرتهم على مواقع القوى وقيادة القوات المسلحة ومخازن السلاح لخنق الثورة وإجهاضها بعد اكثر من ستة عقود لتسقط مغشيا عليها تلفظ أنفاسها في ظل عجز القيادات السياسية عن انتشالها ومدها بالروح الثورية حتى تنتصر لاهدافها المسلوبة وعجز التحالف الشقيق المقصود او غير المقصود في انعاشها وإعادتها للحياة مرة أخرى.
عصام مريسي