تخيلوا معلما يذهب كل صباح إلى مدرسته بلا راتب، كيف يعيش مع أسرته وأطفاله في ظل غياب هذا الراتب الهزيل أصلا؟
يذهب الى المدرسة بينما في داخله صراع كيف يستطيع ان يدبر يومه!
عواصف من القهر تجتاحه بالتاكيد.
زوروا المدارس لتروا الحقيقة، لتشاهدوا بأم اعينكم ما يجري
وجوه تلاميذ متصببة بالعرق، شعب دراسية مكتظة ، رطوبة وحرّ شديد لانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة ومعلم يحاول أن يخفي غصته، يحاول أن يشرح الدرس فيما صدره يغلي بالأسئلة، من أين لي بقيمة الخبز؟ من أين لي بدواء طفلي؟ من أين لي بثمن المواصلات؟
ستشاهدون معلم لا يستطيع شراء فنجان شاي! ولا حتى قنينة ماء!
هكذا صار الحال، راتبه ابتلعه هوامير الفساد، الراتب الذي يتبخر كما يتبخر الحلم في ظهيرة حارقة، وفوق ذلك استكثروه عليه! ولا يعنيهم ان كان جائعا واسرته لا تجد ثمن قوت يوم!
تكسر الروح، ويطفئ الشغف، ويحوّل كل صباح إلى مقصلة بطيئة.
ومن يظن أن التعليم سيستقيم وسط هذا الخراب، فهو واهم!
صمت مليء بالقهر، وغلّ في كل عين، واحباط في كل وجه،
زورا اي مدرسة وستشعرون بثقل اليأس يرافق كل معلم يجر الخطا جرا .
اضرب المعلم لأنه جاع، فوقفوا ضده تسفهون مطالبه وتقللون من رسالته.
انما عليكم ان تدركوا ان المعلمون كانوا دوما بداية الانفجار!
أربعة أشهر بلا راتب ليست مجرد أزمة مالية، بل جريمة بحق المعلم، وأسرته، وبحق التلاميذ.
لذا كل يوم يمر بلا راتب هو رصاصة في قلب العملية التعليمية، ومسمار جديد في قلب المجتمع.
المعلم لم يعد مجرد موظف ينتظر راتبا، بل عنوان لما تبقى من كرامة هذه البلاد.
فاحفظوا العنوان.
فؤاد مرشد