آخر تحديث :الثلاثاء-07 أكتوبر 2025-10:08م

راتب الجندي… معركة أخرى لا تقل خطورة عن الجبهات

الخميس - 02 أكتوبر 2025 - الساعة 01:48 م
د. محمد قيزان

بقلم: د. محمد قيزان
- ارشيف الكاتب


د. محمد قيزان


حين تتحوّل المعركة الكبرى للجندي من مواجهة الميليشيات إلى انتظار مرتبه، ندرك أن الخلل في الداخل أخطر من العدو في الخارج، فالجندي الذي يقف على خطوط النار، ورجل الأمن الذي يحرس الشوارع، لا يواجهان فقط رصاص الأعداء وتهديدات الفوضى، بل يواجهان أيضًا عجز الدولة عن توفير أبسط حقوقهما الراتب،

خمسة أشهر والجندي المرابط في الجبهات بلا مرتب، ومطلوب منه أن يتصدّى ببسالة لمحاولات اختراق الميليشيات وتحرير الأرض،

خمسة أشهر ورجل الأمن مرابط في الشارع بلا مرتب، ومطلوب منه أن يحفظ الأمن ويواجه القتلة والبلطجية،

حين يصبح راتب الجندي ستين ألف ريال يمني (150 ريال سعودي) ولا يُصرف بانتظام، بينما يتقاضى جنود آخرون يتبعون فصائل مسلحة (1500 ريال سعودي) شهريا وبانتظام، فإننا لا نتحدث عن مجرد عدم مساواة، بل عن صناعة مقصودة لبذور الفوضى، هذا الفارق الشاسع يزرع الغضب والإحباط، ويحوّل الالتزام الوطني إلى عبء لا يطيقه بشر،

إن من يؤخر الرواتب أو يميّز بين الجنود بهذه الطريقة، هو المتسبب الأول في حالات الانفلات الأمني، فالعدالة في الأجور ليست رفاهية، بل شرط أساسي للاستقرار، ومن يشعر بالتهميش والإهمال قد يلجأ لطرق بديلة للعيش أو ينخرط في قوى لا تُحترم فيها الدولة،

تأمين مرتبات منتظمة ومتكافئة لكل من يحمون الوطن والشوارع هو استثمار في الأمن قبل أن يكون واجب وحق إنساني ،

الراتب للجندي او توفير التغذية والمستلزمات الضرورية في المعسكرات، والتسليح النوعي والتدريب، ليست قضايا يُفترض أن نذكّر بها الدولة أو نناقشها في الإعلام، بل واجبات بديهية على الجهات المعنية القيام بها دون إبطاء،

المطلوب من الحكومة ووزارة الدفاع وهيئة الأركان إيجاد حل فوري يتضمن صرف المرتبات المتأخرة، ووضع آلية دفع موحدة وشفافة، وضمان عدم التمييز بين الجنود بسبب الانتماء أو المنطقة،

نحن لا نطلب معجزة، بل عدالة بسيطة، أن لا يُلام الجندي على انكسار ما صنعه الساسة.