آخر تحديث :الخميس-06 نوفمبر 2025-01:38ص

أي ذنبٍ ارتكبه شعبنا لتصير رواتبهم وسيلة ابتزاز؟وجوعهم ورقة ضغط؟

السبت - 04 أكتوبر 2025 - الساعة 01:10 ص
جلال الصمدي

بقلم: جلال الصمدي
- ارشيف الكاتب


يتحدثون بإسم هذا الوطن ويوقعون الصفقات بإسم هذا الشعب،والحقيقة أن هذا الوطن في نظرهم مجرد خريطة معلّقة على جدارن غرفهم،يرسمون فوقها خطوط النفوذ ويعيدون تقسيمها وفق مصالحهم وكل طرفٍ يمدّ يده ليأخذ نصيبه،وأبناء شعبنا ليسوا إلا جسراً يطؤون عليه للوصول إلى كراسيهم صوتهم باهتاً،ضعيفاً،لا يسمعهم أحد إلا ليُستخدمهم كحجة جديدة لمزيد من التآمر ولذلك وإلى يومنا هذا وطننا وشعبنا ضائعين بين ساسه الداخل الذين ينهبون بإسم الوطن والخارج الذين يتاجرون بجوع شعبه.


ولأن المصيبة مضاعفة،فقد ضاع شعبنا مرتين مرة حين ينهبونه،ومرة حين ينهبونه باسمه.ويا لهم من مرّتين فمع طوابير الخبز والغاز والماء وطوابير الراتب الذي لا يأتي،يُسحق الإنسان قبل أن يُسحق الخبز.ويُهان الموظف قبل أن يُهان جسده بالجوع عندما يقفون كأنهم متسوّلين على أبواب دولتهم،بينما كان ومن المفترض أن يقفون مرفوعي الرأس واثقين أن لقمة عيشهم حقٌ لا منّة. لكن أي حق هذا الذي ظلّ معلقاً في دفاتر ساسه فاسدين؟.


أي وطن هذا الذي يتحوّل فيه الشعب إلى مادة للنهب باسمه وباسمه فقط؟وأي ذنب ارتكبه البسطاء حتى يصير دمهم مشروعاً يُدار،وجوعهم ورقة ضغط، ومرضهم وسيلة ابتزاز؟حتى المساعدات التي جاءت بأسمائهم نُهبت في وضح النهار،وبيعت في أسواقٍ سوداء بينما يقفون على أبواب الانتظار،تطاردهم الطوابير والخذلان.وأي كرامة وقد تحوّل الراتب البسيط إلى حلم بعيد،وكأن الموظف يطلب كنزاً مخبوءاً لا مجرد استحقاقٍ شهري.أربعة أشهر تمر دون أن تصرف الرواتب فيعيش الناس بين الديون والوعود،بين صبرٍ مرير وانكسارٍ لا يوصف،فالموظف الذي كان يعود من عمله رافع الرأس،صار يعود خالي اليدين،يُطأطئ رأسه أمام سؤال أطفاله:"ماذا سنأكل الليلة؟".


وأخيراً يظهر المسؤولون على الشاشات ببدلاتهم الأنيقة،يتحدثون عن التنمية والإصلاح وكأنهم يعيشون في بلد آخر.

فأي وجعٍ أعظم من أن يتحول وطنٌ بأكمله إلى ورقة في لعبة الأمم؟يتاقسمه اللاعبون كما يتقاسم الغنيمة بعد معركةأي وجع وساسه البلد لم يروا في وطننا سوى ميناءً يمكن السيطرة عليه،وبئراً يمكن استخراج نفطه،وممراً يمكن استخدامه كورقة ضغط.وأي وطن هذا الذي يباع أبناؤه في سوق السياسة كأرقام على طاولة تفاوض؟ولكن الآن والآن فقط تأكدت أن كل يدٍ امتدت ليست يد إنقاذ،بل يد تحمل خنجراً مخبّأً خلف وعود براقة،وكل مؤتمرٍ بإسم هذا الوطن تخبئ وراءها صفقة.