آخر تحديث :الأحد-26 أكتوبر 2025-03:58م

المعلم اليمني… بطل صامت بلا مكافأة

الأحد - 05 أكتوبر 2025 - الساعة 09:06 م
صلاح الطاهري

بقلم: صلاح الطاهري
- ارشيف الكاتب


في مثل هذا اليوم، يحتفي العالم بالمعلم، ذلك البطل الصامت الذي يزرع المستقبل في عقول الأجيال.

أما في اليمن، فالمعلم أصبح أشبه بمحارب في ساحة معركة، ليس أمام جيوش عسكرية فقط، بل أمام فوضى ممنهجة، ولامبالاة، وسخرية من كل الجهات. الحوثي يفرض على المدارس مناهج محشوة بالأيديولوجيات الطائفية، ويحرم المعلم راتبه منذ سنوات ويستبدل المعلمات بالعنصر النسائي التابع له، ويحرم المخلصين من حقوقهم البسيطة، وكأن التعليم نفسه أصبح جريمة. والمعلم، بصبره ووفائه، يواصل الدرس وكأنه يحارب وهماً قاتلًا.


أما حكومتنا الشرعية، فغالباً ما يكتفي المسؤولون فيها بالكلمات الرنانة والإحتفالات الشكلية، دون أن يتحركوا لإنقاذ المعلم من ضغوط الحرب والفقر، أو لتوفير أبسط مستلزمات التعليم، وكأنهم يظنون أن التصريحات تكفي لإحياء مدرسة. وهنا يبرز سؤالٌ محرج: هل أصبحت كلمات الدعم الإعلامي هي “الراتب الحقيقي” للمعلم؟


ولا ننسى أولياء الأمور، الذين أحياناً ينظرون للمعلم وكأنه موظف يمكن الإستغناء عنه، أو مجرد حامل دفتر وطبشور، دون أن يقدروا أنه بناء العقول، وصانع الأجيال، ومصدر الأمل الوحيد لأطفالهم في زمن يحاصرهم الفقر والحرب. كم من أب وأم قللوا من قيمة المعلم، وتركوا مسؤولية التعليم للجميع إلا الشخص الذي يستحق الإحترام والتقدير؟


المعلم اليمني، رغم كل هذا، يبتسم. يواصل الدرس، يشرح، يحفز، يغرس قيم الوطنية والأخلاق، ويزرع الأمل في النفوس الصغيرة. إنه الأب والأم والطبيب النفسي والمرشد الروحي، كله في شخص واحد، بينما الحوثي يتفرج على الجهل يزدهر، وحكومة الشرعية تبتسم على التصريحات، والأهل يغفلون عن دوره الحيوي.


في اليوم العالمي للمعلم، يجب أن نتذكر أن المعلم اليمني ليس فقط ناقل معرفة، بل هو بطل صادق في زمن عبثي، محارب صامت، وشعلة لا تنطفئ، رغم كل السخرية واللامبالاة من حوله. نحتفل به اليوم، لا لأن الظروف مثالية، بل لأننا ندين له بالإحترام، ونقر بأن اليمن الذي نحلم به، يبقى حياً بفضل هذا المعلم الذي لم يبيع وطنه، ولم يبيع مهنته، ولم يترك الأمل يموت.


المعلم اليمني هو اليوم، كما كان دوماً، رمز الثبات، رمز الحب، ورمز الصمود، بينما العالم كله يتفرج على المسرحية اليمنية المأساوية، ويظل هو النبراس الوحيد الذي يرفض أن تنطفئ شمعته في رسالة العلم، وصناعة الأجيال