آخر تحديث :الإثنين-03 نوفمبر 2025-11:57م

صوت الحقيقة يُقال.. وقلم الفكر يُعتقل!

الأربعاء - 08 أكتوبر 2025 - الساعة 10:17 ص
لؤي العزعزي

بقلم: لؤي العزعزي
- ارشيف الكاتب


صمت الأقلام وهتاف الحقيقة: قمع الأصوات الحرة في اليمن يتصاعد!


بينما ترتفع الأصوات في تعز مطالبةً بالأمن، يُسكت الصوت الذي كشف زيف السلطة، وفي صنعاء خلف جدران السجون، يقبع أصحاب الفكر والقلم.


تتشابك القصص وتتوحد في فضح واقع مرير حيث أصبحت الكلمة الحرة جريمة، والنزاهة تهمة.


في خطوة تكشف حجم التضييق على الأصوات الناقدة، أُزيح الناطق باسم شرطة تعز، أسامة محمد الشرعبي، من منصبه. لم يكن هذا مجرد تغيير إداري روتيني، بل رسالة واضحة لكل من يجرؤ على كسر جدار الصمت الرسمي.


ذنب الشرعبي؟ أنه اختار الانتصار لضميره المهني ورفض تزييف الحقائق أو تلميع صورة واقع أمني متردٍ، مفضلاً الشفافية على التستر على الإخفاقات.


تأتي إقالة الشرعبي كفصل جديد في مسلسل ممنهج لاغتيال الحقيقة. فعندما تُعاقب النزاهة وتُتهم الشفافية، تتحول المؤسسات التي يفترض بها حماية المواطن وإنفاذ القانون إلى أدوات لحماية الفساد وإخفاء الفشل. إن إسكات صوت الشرعبي هو محاولة يائسة لإخفاء واقع مؤلم، لكنها في جوهرها تزيد من تآكل الثقة وتؤجج الغضب الشعبي الذي يطالب بالأمن الحقيقي والعدالة الغائبة.


زنازين الفكر.. صرخة من خلف القضبان

وبالتوازي مع قمع الحقيقة في تعز، تتعالى من صنعاء صرخة أخرى، صرخة حق وحرية لأرواح أُسكتت ظلمًا خلف جدران السجون. هناك، في عتمة الزنازين، يقبع مفكرون وأدباء، ذنبهم الوحيد أنهم حلموا بوطن يتسع للجميع.


- أوراس الإرياني: الشاعر الذي صاغ من قسوة الحياة شعرًا رقيقًا يلامس الروح، وواجه بشاعة الواقع بسخرية الكبار. صوته الهادئ أزعج جلاديه، وقلمه لم يخشَ قول الحقيقة.


- ماجد زايد: الكاتب والناشط الذي انضم إلى قافلة المغيبين قسرًا، ودفع ثمن رأيه الحر في زمن يُحتفى فيه بالصمت المطبق.


- عارف قطران وولده عبد السلام: اللذان أُخذا من دفء منزلهما إلى مصير مجهول، في انتهاك صارخ لكل القيم الإنسانية، وسط قلق متزايد على صحة عارف المتدهورة في محبسه.


إن اعتقال هؤلاء الأحرار ليس مجرد احتجاز لأشخاص، بل هو اعتقال لقيم المجتمع الأساسية: الحق في التعبير، والحق في الاختلاف، والحق في العيش بكرامة. كل يوم يمضي وهم خلف القضبان هو شهادة حية على الظلم وجرح غائر في جسد الوطن.


من تعز إلى صنعاء، تتحد القضية: قضية الكلمة الحرة في مواجهة القمع. سواء كان ذلك بإقالة مسؤول أمني نزيه أو بسجن شاعر وكاتب، فإن الرسالة واحدة: لا صوت يعلو فوق صوت السلطة. لكن في وجه هذا الواقع، ترتفع الأصوات وتتضامن، مؤكدة أن حبال الصمت قصيرة، وأن قضية هؤلاء هي قضية كل يمني حر. ويبقى النداء مدويًا: الحرية، كل الحرية، لمعتقلي الرأي، والعدالة لكل صوت تمسّك بالحقيقة.


لؤي العزعزي