في لحظة تأمل، وأنا أرى المحافظات المحررة، وبالتحديد العاصمة عدن، تغرق في أوضاع مأساوية تدمي القلب وتدمع العين، أوضاع لا تليق بوطن قدّم تضحيات جسيمة لينعم بحياة كريمة.
فلا شيء يوحي بوجود أي دولة أو حكومة، فالقرار مخطوف والسلطة مجرد صورة شكلية باهتة لا تحكم ولا تدير، سلطة هزلية.
الفوضى تعم كل مكان، والعشوائية صارت قانونًا يسير عليه الناس.
حين تسير في شوارع عدن، تشعر وكأن المدينة تسير في وادٍ آخر، بعيد عن النظام، بعيد عن العالم، بعيد حتى عن المنطق.
حتى في المرافق الحكومية، حين تذهب لإنجاز معاملة بسيطة، تتفاجأ بعراقيل لا تنتهي!
معاملات تُدار بعشوائية، وقرارات لا يقبلها عقل ولا شرع، وسلوكيات تنم عن غياب الوعي والمسؤولية.
تتعامل مع موظفين لا يملكون حسًا إداريًا ولا ضميرًا وطنيًا، وكأن من يدير هذه المؤسسات ليسوا من أهل الكفاءة ولا من أهل الخدمة.
رأيت وجوه الناس في عدن... وجوهًا تعكس كمية التعب والعجز.
أناس يبحثون عن كهرباء غابت عنهم منذ زمن، لا تأتي إلا لساعات معدودة في الصباح والمساء.
في بلدي، بلاد المجلس الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي ووجود البنك المركزي، رأيت كيف يضطر المواطن لشراء البطاريات والألواح الشمسية والمراوح واللمبات ليعيش.
بينما راتبه مفقود، الذي بالكاد كان يكفيه ليوم واحد، انقطع منذ خمسة أشهر ولم يعد يراه.
في بلادي، يصارع المواطن يومه ليخرج منه سالمًا، فقط لينجو… لا ليعيش.
وفي الصباح يعود ليواجه نفس المأساة، في مدينة أثقلت كاهل أهلها بالوجع والتعب والأنين الصامت.
بينما من يديرون شؤون هذا الوطن، يعيشون كأنهم في بلد بلا شعب،
وكأن عدن لم تعد على خريطة اهتمام أي أحد منهم — بما تحمله من وجع وصبر.
✍️ بقلم: جلال جميل محسن