آخر تحديث :السبت-01 نوفمبر 2025-09:06م

ما بين غزة وفيتنام ،،

السبت - 11 أكتوبر 2025 - الساعة 05:21 م
د. سعيد سالم الحرباجي

بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب


شنت أمريكا وحلفاؤها من الغرب حرباً ظالمة ضد الشعب الفيتنامي منتصف القرن الماضي استمرت حوالي (عشرين عاماً )

وفي المقابل خسر الفيتناميون حوالي ( مليوني قتيل ) وملايين المصابين ، والمشردين .

كما أسفرت الحرب عن دمار يفوق الخيال ، نتيجة استخدام الأسلحة الكيماوية .


ولكن في نهاية المطاف غادر الأمريكان

فيتنام يجرون ذيل الهزيمة مخلفين وراءهم زُهاء( 58 ) ألف قتيلاً ، وأصيب الآلاف، ناهيك عن الخسائر الكبيرة في العدة والعتاد .


كل تلك التضحيات، وكل تلك الخسائر الضخمة ... قدمها الفيتناميون دفاعاً عن وطنهم ، وذوذاً عن أعراضهم ، وطلباً لحرياتهم .


اليوم أهلنا في غزة يدافعون عن مقدساتهم و أعراضهم ، وعن حرياتهم وعن كرامتهم

و يقاتلون عدواً يهودياً يسعى لطردهم من أرضهم ، ولتدنيس مقدسات المسلمين .


ومع ذلك ترى كثيراً من منحرفي الفكر

يعيب عليهم مقاومتهم ، وينال من تضحياتهم ، ويستنقص جهدهم وجهادهم !!!

فعجباً لحالهم !!!


هل يرى أولئك المخبولون أنَّ صمود ثوار فيتنام عشرين عاماً كان جريمة بحق الشعب ؟


وهل كانت التضحية ب ( اثنين مليون إنساناً ) فضلاً عن المصابين ، والمعاقين ، والمشردين ، والدمار الكبير.... كان خطأً يتحمله الثوار ؟


لم نسمع عن أحد من الشعب الفيتنامي أنَّه انتقد المقاومة أو انتقص من جهدهم أبداً ، أبداً ..

بل كان الشعب حاضنة آمنة للثوار ، ورديفاً مآزراً للمقاومين .

فتحمَْل الشعب الفيتنامي مرارة الحرب ، وقسوة الحصار ، وانعدام الخدمات ، وجحيم القنابل الحارقة...(عشرين عاماً) ولم يخضع ولم يذل ، ولم يستسلم حتى نال حريته ، واسترد كرامته .


فعلوا كل ذلك ....

لا تحت راية لا إله الا الله ، ولا بدافع الجهاد في سبيل الله ، ولا بطمع في جنة الله ...

وإنما بدافع الوطنية ، ورفضاً للعبودية ، وعشقاً للحرية.


ومن قبلهم فعل الشعب الجزائري في حربه ضد الفرنسيين وخاض حرباً ضروساً ابتدأت عام ( 1954م - 1962 م ) استمرت الثورة سبعة أعوام حتى تمكنوا من طرد الفرنسيين .

وخلال مسيرة النضال قدم الشعب الجزائري أكثر من مليون شهيداً .

فلم نسمع عن جزائري واحد يقول أنَّ تلك التضحيات كان عبثاً بحق الشعب الجزائري ، بل على العكس تماماً ، فالشعب الجزائري يحتفي كل عام بذكرى الاستقلال تقديراً لتلك التضحيات .


فكيف نعيب على أهلنا في غزة أن يقاوموا محتلاً دخيلاً، وعدواً لله ولرسوله ( ص )

أوجب الله جهاده ، ومقاتلته ؟؟؟!!!


ضف إلى ذلك أنهم يقاتلون تحت راية لا إله الا الله ، وطمعاً في رضاه والفوز بجنته .


العامل المشترك بين مقاومة الشعب الفيتنامي ، ومقاومة أهلنا في غزة ....هو رفض العبودية ، وعشق الحرية الذي يرخص له الغالي والنفس ...

والفارق بينهما أنَّ ثوار فيتنام كانوا يتلقون دعماً مباشراً من الصين ، والاتحاد السوفياتي ، وكان لديهم مساحات شاسعة يتنقلون من خلالها أثناء حرب الأمريكان.


أما أهلنا في غزة فالعالم كله يحاربهم ، وهم يعيشون حصاراً مطبقاً من كافة الاتجاهات . ومع هذا قرروا عدم الرضوخ ، وعدم الاستسلام

، وعدم المهادنة .


وها هم اليوم يَرْغُمون قوى الشر العالمية أن تنزل عند رغبتهم ، ويعقدون معهم صلحاً لوقف الحرب ، ورفع الراية البيضاء ، وهم لا تزال أصابعهم على الزناد حتى هذه اللحظة.


فبمقارنة سريعة بين تضحيات أهلنا في غزة ، وتضحيات الشعب الفيتنامي..

نجد أنه ليست ثمة مقارنة بين الشعبين ..

انتصر الشعب الفيتنامي بعد حرب طويلة استمرت ( عشرين عاماً ) بينما حرب غزة ...توقفت بعد عامين اثنين .

خسر الفيتناميون ( مليوني قتيلاً ) ..

ووصلت خسائر غزة إلى أقل من مائة ألف شهيد .


السؤال الذي يطرح نفسه على الجميع :

هل ترون أنَّ التضحية باثنين مليون إنساناً يعتبر عبثاً .... كي ينال شعب (ما ) حريته ، وكرامته ؟


الذي أكاد أجزم به ...

أنَّ الأحرار سيقولون: أنَّ الحرية يرخص لها الغالي والنفيس .

أما الجبناء ، والضعفاء ، والخوارون ، والعبيد..

فستكون إجابتهم : لا داعي للتضحية ولو بشخص واحد ، طالما نحن نأكل ، ونشرب ...ولو داس على رقابنا يهودي نجس .

فهذا هو الفرق بين عشاق الحرية ، ومطأطي الرؤوس من العبيد .


فليس هناك مبرر لمنتقدي جهاد أهلنا في غزة ، ولمانعي حتى الدعاء لهم في المساجد، ولقامعي المظاهرات المؤيدة لجهادهم .......

إلا أن يكونوا سائرين في فلك اليهود ، أو منفذين لسياستهم ، أوشاربين من منهلهم .


وقد فضحتهم شعوب العالم الكافرة بوقوفهم إلى جانب أهلنا في غزة ، بل وخاطر البعض بحياته لأجل كسر الحصار الظالم الذي يفرضه اليهود عليهم .


فخلال عامين خرجت أكثر من (50) ألف مظاهرة في عواصم العالم دعماً لصمود أهلنا في غزة ، وبعض قادة الدول اتخذوا إجراءات صارمة ضد اسرائيل.


رحم الله أبا الطيب المتنبي حينما قال :

 يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ*

وتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ

وَكُلُّ شَجاعَةٍ في المَرءِ تُغني*

وَلا مِثلَ الشَجاعَةِ في الحَكيمِ


لذلك كانت الحرية عزيزة ...

لا ينالها إلا ذوو الههم العالية ، والنفوس الابية.


ألا فليخسأ العبيد عندما يتكلم الأحرار .

تحية لأهلنا في غزة بحجم الكون ..

وصدق الله حيث يقول:

ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون