آخر تحديث :الأربعاء-19 نوفمبر 2025-02:05م

ثورة أكتوبر.. الحلم الوردي الذي بهتت ألوانه

الأحد - 12 أكتوبر 2025 - الساعة 10:12 م
أ.د مهدي دبان

بقلم: أ.د مهدي دبان
- ارشيف الكاتب


كانت ثورة أكتوبر لحظة فارقة في تاريخ الوطن، حين اشتعلت في قلوب الثوار جذوة الحلم بالتحرر والرخاء والأمان والعيش بكرامة. خرجوا من بين أزقة المعاناة حاملين راية النضال، وقدموا أرواحهم الزكية وأموالهم الطاهرة وتركوا ملذات الحياة من أجل هدف سام، لا يوصف إلا بأنه من أعلى درجات السمو الإنساني. كان الأمل يضيء دروبهم، وكانت قلوبهم تؤمن أن فجر الحرية قادم، وأن الوطن سيولد من جديد أجمل وأنقى.

لكن واه من “لكن”... لم يدرك أولئك الحالمون أن ما بعدهم سيحمل نقيض أحلامهم. جاءت أجيال وحكومات متعاقبة أهلكت الإنسان بالأيديولوجيات والشعارات، وتاه الوطن بين نظريات لا تشبع جائعاً ولا تبني وطناً. من أقصى اليسار انزوينا، ثم عدنا دفعة واحدة إلى أقصى اليمين، إلى التطرف الفكري والطائفي والمناطقي، حتى صرنا نحمل أفكاراً بالية لا تجدها إلا هنا، وكأنها ماركة مسجلة باسمنا. وفي غفلة من الزمن، سلمنا وطننا لمن لم يكن يحلم يوماً أن يقترب منه.

واليوم، بعد عقود من التضحيات والانتظار، نقف على أطلال الحلم الوردي، نتساءل بألم: هل كانت الثورة بداية النهضة أم بوابة المأساة؟ لقد مرت السنوات وتعاقبت الأجيال على أمل تحقيق أهدافها، فإذا بنا نشتاق لما كان قبلها. إنها المأساة الحقيقية حين يُجبر شعب على الاختيار الدائم بين الأسوأ والأسوأ، فيُحرم من فرصة عادلة لاختيار الأفضل، من يقوده نحو الكرامة والوحدة والتطور. آن الأوان أن نصحو من سباتنا، ونفتح عيوننا على وطن يستحق أن نحبه بصدق، وأن نمنحه ما حلم به الثوار: حياة حرة، وعدلاً دائماً، وسلاماً لا يخون.