اليمن....أولاً
الخطاب المعارض للنظام المصري كثيرًا ما يُغفل البعد المقارن ويعتمد على الانطباع، فيتصور الواقع الاقتصادي كأنه فشل محلي معزول.
لكن المقاييس الدولية تُظهر أن ما تمر به مصر جزء من أزمة اقتصادية عالمية متشابكة بدأت منذ جائحة كورونا وتعمقت مع الحرب الروسية الأوكرانية وأزمات الطاقة وسلاسل الإمداد في البحر الاحمر
في 2024، سجلت بريطانيا تضخمًا بلغ 6.7%، وفرنسا 5.1%، والسعودية 2.8%، بينما مصر تجاوزت 30% بسبب الفارق في هيكل الاقتصاد وعدد السكان واعتمادها على الواردات الغذائية.
ومع ذلك، ورغم كل هذه الضغوط، حافظت مصر على استقرارها المالي وعدم انهيار نظامها المصرفي، في وقت انهارت فيه عملات دول كبرى مثل الأرجنتين وتركيا ولبنان.
في السعودية، الناس تشتكي من ارتفاع الإيجارات وغلاء المعيشة، والخطباء يتحدثون عنها من فوق المنابر.
في الخليج عمومًا، تضج وسائل التواصل بشكاوى من الأسعار والمصروفات.
وفي أوروبا، بريطانيا وفرنسا وألمانيا تشهد مظاهرات واحتجاجات بسبب التضخم وارتفاع تكاليف الحياة.
فهل يعني ذلك أن هذه الدول فاشلة؟ بالطبع لا.
الأزمة عالمية، والشكوى عامة، لكن الفرق أن بعض الأصوات المصرية المعارضة تتاجر بمعاناة الناس لتصف النظام كله بالفشل، وتنسى أن كل دولة لها طاقتها وظروفها.
يُضاف إلى ذلك أن مصر تواجه تحديات لا تواجهها معظم الدول، منها:
عدد سكان يتجاوز 115 مليون نسمة.
محدودية الموارد الطبيعية والطاقة.
موقع جغرافي متوتر بين البحر الأحمر وليبيا والسودان وغزة.
ورغم هذا، تحقق الدولة تقدمًا ملموسًا في مشروعات الطرق، والمدن الجديدة، والتوسع الزراعي، والطاقة المتجددة.
إن تقييم الأداء المصري لا يُقاس بمقدار الشكوى، بل بقدرة الدولة على البقاء والعمل تحت الضغط.
ومقارنةً بدول تمتلك ثروات نفطية أو مؤسسات غربية عريقة، فإن مصر تقدم أداءً إيجابيًا نسبيًا يُعد نجاحًا في حد ذاته.