آخر تحديث :الثلاثاء-30 ديسمبر 2025-01:37م

14 أكتوبر.. يوم مجدٍ خالد في ذاكرة اليمنيين

الثلاثاء - 14 أكتوبر 2025 - الساعة 12:06 م
فاطمة احمد محمد البحيث

بقلم: فاطمة احمد محمد البحيث
- ارشيف الكاتب


حين تطل علينا ذكرى الرابع عشر من أكتوبر، تهتز مشاعر الفخر والاعتزاز في قلبي كما تهتز الأرض تحت أقدام الثوار الأحرار الذين صنعوا لهذا الوطن فجره الجديد... إنّه اليوم الذي انطلقت فيه شرارة الحرية من جبال ردفان الشامخةعام ١٩٦٣، معلنةً للعالم أن الجنوب اليمني يرفض الذل والاستعمار، وأن الحرية أغلى من الحياة نفسها.


أنا كامرأة يمنية، أشعر بعظمة هذا اليوم وكأنه يسري في دمي، لأنني أدرك حجم التضحيات التي قدمها أبطال الثورة، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، في سبيل أن يعيش اليمن الجنوبي حُرّاً عزيزاً مستقلاً،لم تكن ثورة 14 أكتوبر مجرّد حدث سياسي، بل كانت انتفاضة كرامة وإنسانية، كتبتها دماء الجنوبيين على صخور ردفان وفحمان وبيحان وعدن والضالع والصبيحة ولحج وكل شبر من الأرض الطاهرة من جبال صرفيت شرقاً إلى باب المندب غرباً ، لترسم طريقاً من المجد نحو الاستقلال...

لقد سبقت ثورة أكتوبر انتفاضات مسلحة وتمردات عدة منها على سبيل المثال انتفاضة الربيز بقيادة الشيخ المناضل علي معور الربيزي عام ١٩٤٨ والذي كبد المحتل البريطاني خسائر فادحة بسبب وعورة التضاريس في ارض الربيز وغيرها من التمردات المسلحة لا يتسع الحيز لسردها.

لقد أظهر الجنوبيون في تلك الأيام شجاعة نادرة؛ فقد قاوموا الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس والتي كانت أقوى قوى العالم آنذاك، بأسلحة بسيطة لكن بإرادة لا تُقهر، واجهوا الدبابات بصدورهم العارية في المسيرات والتظاهرات النقابية والعمالية، وتحدّوا الخوف بالأمل، وواجهوا الموت بإيمان عميق بأن حرية الأوطان لا تُوهب، بل تُنتزع انتزاعاً.


ولا يمكن أن ننسى دور المرأة في تلك الثورة والتي شاركت في القتال وحملت البندقية إلى جانب الرجل كالمناضلة الردفانية (دعرة) رحمها الله التي شاركت في أعنف المعارك، لقد كانت الأم تودّع أبناءها نحو الجبهات، والزوجة تخبئ السلاح في بيتها، والفتاة تحمل الرسائل السرية بين المقاتلين، كانت المرأة اليمنية جزءاً من لهيب الثورة وروحها، صامدة، شامخة، كما هي دائماً حين ينادي الوطن.


إن 14 أكتوبر ليس مجرد تاريخ في التقويم، بل هو رمز للعزة والكرامة، ومصدر فخرٍ خالد في ذاكرة كل يمني ويمنية،إنه اليوم الذي أثبت فيه شعبنا أن الحرية لا تُشترى، بل تُنتزع بالتضحيات والصبر والإيمان بعدالة القضية.


وفي كل عام، حين تحل هذه الذكرى، أشعر أنني أقف أمام صفحة مضيئة من تاريخ وطني، أقرأ فيها قصة أبطالٍ غيّروا وجه التاريخ كما قال المناضل الفقيد عوض الحامد رحمه الله..

رحم الله شهداء أكتوبر الأبرار، وبارك الله في من لا يزال يحمل راية الوطن عالياً، ليبقى اليمن حرًّا أبيّاً إلى الأبد.


✍️ فاطمة أحمد محمد البحيث

14 اكتوبر 2025