آخر تحديث :الخميس-23 أكتوبر 2025-04:00ص

مفهوم الوطن اليوم مختلف عن مفهوم أوطان بالأمس…

الأربعاء - 15 أكتوبر 2025 - الساعة 11:49 م
احمد هادي العولقي

بقلم: احمد هادي العولقي
- ارشيف الكاتب


المجتمعات الضعيفة المفقرة والمستضعفة وغير المؤسسة على قواعد متينة من القانون والحقوق والمواطنة، هي التي تسقط بسرعة في نيران الفتن والحروب والمنازعات والعنف.. وتطول فترة إقامتها فيها، مع دفع لأثمان باهظة لخلاصها وعروجها الآمن والمستقر..

تربّت الناس في مجتمعنا اليمني على النمطية والقمع والإقصاء، وهذا ما أنتج في بلدنا الفشل والعجز والتّسوّل والتّوسّل حيث أن هناك رؤية نمطية أيديولوجية متحيّزة ومثالية تجريدية عن مفهوم الوطن والوطنية في اليمن..

وقد سبق أن تم تفعيلها وتجريبها عملياً لعقود طويلة في كثير من عالم العروبة والإسلام، وأدت إلى ما أدت إليه من هزائم وانكسارات وخسائر وانهيارات وتعقيدات وتكاليف مادية باهظة للغاية من القدرات والطاقات البشرية والطبيعية جعلت مستقبل كثير من بلدان العرب أسوداً بالكامل..

نحن نعتقد، أنّ مفهوم الوطن اليوم مختلف عن مفهوم أوطان بالأمس.. انتبهوا، فاليوم، تريد الناس وطناً فيه تنمية وحقوق ومشاركة، فيه نهضة وحريات وتعايش حقيقي..

تريد استثمار قدراتها والحصول على قدرتها في الحياة الناس اليوم لم تعد ترغب ولا هي تريد أن تبقى أسيرة شعارات وخطابات وكلمات رنانة فضفاضة لا تغني ولا تسمن من جوع... أيديولوجيات الوطنيات اليمنية المتخشّبة (بكل تياراتها وجماعاتها) أفلست بلدنا اليمن، فالأوطان لا تُحمى ولا تُصان فقط بالقوة كما هو حالنا اليوم، بل تُصان أيضاً بالاقتصاد والتنمية والعلاقات المتوازنة، فالتوازن والتوافق بين جميع المكونات السياسية أساس الحفاظ على وحدة أي وطن وضمان مستقبله، وتحقُّق أمانه، وسلامة شعبه، وازدهار ناسه..

يجب أن يعي من يحكمون اليوم بأن حلول مشكلاتنا يجب أن تكون من مناخ وعجينة وتربة هذا العصر، متناسبة مع مقاييسه ومعاييره، بعيداً عن الإقصاء والتمييز والتعصب...

لابد لنا أن نعي بأن المشكلاتُ والأزماتُ الاجتماعية والمعيشية والسّياسية المتفاقمة في بلدنا، لا يمكنُ حلّها إلا بتحقيق العدالة والتنمية.. إذْ طالما هناك حرمان وظلم وإقصاء، لن يكونَ هناك سلامٌ ولا تنمية ولا أمان ولا ازدهار.. وحتى تتحقق تلك الطموحات الكبرى لا بد من تحقيق السلام المجتمعي السياسي الداخلي، وإلا ستبقى مجتمعاتنا تتنقل من فشل إلى آخر ومن هزيمة إلى أخرى، وسيظل من يحكمون اليمن متطفلين على موائد الآخرين، منفعلين وتابعين غير منتجين ولا فاعلين..

أخيراً إن خلاص اليمن يبدأ بالتوافق على مشروع وطني يجمع اليمنيين على أرضية المواطنة والمساواة والعدالة والحريات والشراكة في السلطة والموارد، وكل ما دون ذلك ليس سوى عبث وتكرار للفشل، وتوسيع لدائرة الدمار والاندثار.