العاصمة عدن، المدينة التي عرفت الكهرباء قبل كثير من العواصم العربية ودول شبه الجزيرة العربية، دخلها النور عام 1926م، أي قبل قرن من الزمان واليوم، بعد مئة عام على ذلك الإنجاز المبكر، تعيش عدن واحدة من أشد أزماتها المعيشية، حيث تغرق أحياؤها في الظلام الدامس لولا محطة الرئيس عبدربه منصور هادي — حفظه الله ورعاه — التي ما زالت تمد المدينة ببصيص ضوء ينقذها من عتمة شاملة.
ورغم أن الدولة، بمستوياتها المختلفة من مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والسلطات المحلية، لم تتمكن من توفير وقود التشغيل لمحطات الكهرباء بما فيها محطة الرئيس هادي، إلا أنها لم تتأخر في إقامة الاحتفالات والمهرجانات والشعارات بمناسبة ذكرى أكتوبر، تم تشغيل محطة الرئيس هادي بكامل طاقتها ليومين فقط، ثم عادت ساعات الانقطاع إلى خمس عشرة ساعة قابلة للزيادة مقابل ساعتين من التشغيل في اليوم!
هاتان الساعتان بالكاد تكفيان مدينة عدن، أما مدن لحج وأبين المجاورة للعاصمة عدن فالكهرباء فيهما منقطعة منذ خمسة أيام متواصلة.
إن الشعب اليوم لا يريد خطبًا رنانة ولا مهرجانات احتفالية، بل يريد وطنًا فيه خدمات — كهرباء شبه دائمة، وماء لا ينقطع لأيام، وتعليمًا وصحةً تحفظ كرامته، وراتبًا شهريًا منتظمًا، فالموظفون لم يتسلموا رواتبهم منذ أربعة أشهر، بينما منتسبو الجيش والأمن تجاوز تأخيرهم خمسة أشهر، ثم يصرف في النهاية راتب شهرٍ واحدٍ فقط!
لو أن الأموال التي تنفق على الاعاشات والاحتفالات والشعارات صرفت لتوفير وقود الكهرباء والماء، لكان الشعب التف حول قيادته وشكرها بصدق، لكن الواقع المر أن المواطن يتضور جوعًا، والخدمات منهارة، والفساد يعم، ومع ذلك يطلب من الناس أن يحتفلوا بأعياد الثورة!
لقد وصل الحال بالشعب أن يحن إلى زمن الاستعمار البريطاني البغيض، لا حبًا فيه، ولكن مقارنةً بما وفّره من خدمات وبنية تحتية ما زالت آثارها قائمة حتى اليوم، فـ ظلم ذوي القربى أشد مضاضة.
إننا اليوم بأمس الحاجة إلى عودة فخامة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، لينقذ الوطن مما آلت إليه الأمور، وليعيد الثقة إلى شعب اختاره ديمقراطيًا، ويرى فيه المنقذ من الفساد والعبث والنفق المظلم الذي يسير فيه الوطن بلا بوصلة ولا ضوء.
د. غسان ناصر عبادي