آخر تحديث :الإثنين-24 نوفمبر 2025-02:56م

هل نكسب معركة الوعي وما دلالتها في خطاب العليمي ؟

الأحد - 19 أكتوبر 2025 - الساعة 02:33 م
غمدان ابواصبع

بقلم: غمدان ابواصبع
- ارشيف الكاتب


حين تحدث الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي عن معركة الوعي، لم يكن يطلق توصيفًا إنشائيًا أو تعبيرًا عابرًا؛ بل كان يشير إلى أخطر ساحات الصراع مع المليشيا الحوثية، تلك الساحة التي تُدار في عقول الناس قبل أن تُدار في ميادين القتال.


فالوعي هو الحصن الذي إن سقط، سقطت الدولة حتى وإن بقي السلاح بأيدي المدافعين عنها. والحوثي، بخبرته الطويلة في صناعة الخرافة، أدرك باكرًا أن الهيمنة على العقل أخطر من السيطرة على الأرض، فاستثمر في الخطاب الديني والمظلومية التاريخية لتبرير مشروعه الإمامي وإعادة إنتاجه في صورة حق إلهي.


في المقابل، لم تكن الدولة ومؤسساتها الإعلامية والتعليمية على ذات القدر من الجاهزية لمواجهة هذا الغزو الفكري. إذ ظل الخطاب الرسمي في كثير من الأحيان بطيئًا، مترددًا، بل أحيانًا غارقًا في العموميات، غير قادر على الوصول إلى المواطن البسيط أو مخاطبة وعيه بلغة قريبة منه.


من هنا تأتي أهمية ما طرحه العليمي. فـمعركة الوعي ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة وجودية لاستعادة الإنسان قبل استعادة الدولة.

ولكن هل بدأنا فعلاً خوض هذه المعركة كما يجب؟


ما زال الطريق طويلًا. فما لم يتحول حديث القيادة إلى مشروع وطني متكامل لبناء الوعي الجمعي من خلال التعليم، والإعلام، والمجتمع المدني، وخطاب ديني متنور ستظل معركة الوعي مجرد شعار جميل بلا نتائج.


لقد دعا الرئيس إلى توحيد الصف الجمهوري، وهي دعوة وطنية لا شك، لكن التحدي الحقيقي هو ترجمة هذا التوحيد إلى ممارسات سياسية مسؤولة تُغلب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية. فما جدوى الدعوة إلى الصف الواحد إن بقيت المكونات السياسية تتناحر في التفاصيل، وتتصارع على المساحات والنفوذ


إن مواجهة الحوثي لا يمكن أن تنجح في ظل انقسام النخبة وضعف الخطاب. فالمليشيا تحاربنا بفكرة، بينما نحاربها أحيانًا بلا فكرة ولا مشروع متماسك. ومع ذلك، يبقى الأمل في أن تكون دعوة العليمي بداية لصحوة وطنية تعيد الاعتبار للعقل، وللهوية الجمهورية، ولحلم الدولة الذي حاولت المليشيات طمسه.


إن كسب معركة الوعي لن يتحقق إلا حين تُصبح مؤسسات الدولة قادرة على الإقناع لا الإكراه، وعلى بناء الثقة لا الخوف. فالمواطن الواعي هو أول جندي في معركة استعادة اليمن، والجبهة الفكرية لا تقل أهمية عن أي جبهة قتال.


ويبقى السؤال مفتوحًا

هل نحن مستعدون حقًا لخوض معركة الوعي حتى النهاية وهل يمتلك الرئيس العليمي رؤية لتفعليها لتكون لها أثر في وهي المواطن البسيط