آخر تحديث :الأحد-26 أكتوبر 2025-10:59ص

المجلس الانتقالي.. حين يحاول العاجز أن ينقلب على نفسه ليمتد من عمره

الثلاثاء - 21 أكتوبر 2025 - الساعة 03:07 م
د. هزم أحمد

بقلم: د. هزم أحمد
- ارشيف الكاتب


اليمن... أولاً..

حين تدرك الكيانات السياسية أنها بلغت مرحلة الفشل التام، تبدأ في ممارسة أكثر الحيل خطورة وابتذالًا: الانقلاب على نفسها لتبقى.

وهذا ما يفعله المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم، بعد أن أيقن أن الظروف الموضوعية والذاتية تتجه نحو ثورةٍ جماهيريةٍ عارمة قد تطيح به، وأن الغضب الشعبي تجاوز حدود السيطرة الإعلامية والمناورة السياسية.


فما نسمعه مؤخرًا من بعض القيادات العليا في المجلس — من نغمة “التعاطف مع الشعب” و”الاعتراف بالأخطاء” و”الحاجة إلى تصحيح المسار” — ليس تحولًا صادقًا في الوعي أو الموقف، بل هو محاولة ماكرة لإعادة إنتاج الذات ذاتها التي أفسدت، ولكن بوجهٍ جديد يوهم الجماهير أن التغيير قادم من الداخل.

إنها محاولة لإقناع الناس بأن الجلاد صار نادمًا، وبأن من سرق أحلامهم بالأمس يمكن أن يقود إصلاحها اليوم!


هذه ليست أول مرة يستخدم فيها الفاشلون هذا الأسلوب.

في التاريخ السياسي، دائمًا ما تلجأ الأنظمة المهزوزة إلى خلق “انقسام داخلي مصطنع” في صفوفها، تُظهر فيه بعض القيادات بمظهر الثائرين على الوضع القائم، لتفرغ الغضب الشعبي من محتواه، وتعيد امتصاصه داخل بنية النظام نفسها.

فبدل أن تنكسر السلطة أمام الشعب، تنكسر أمام “نسخة من نفسها” لتبقى.


لكن الشعب الجنوبي اليوم أصبح أكثر وعيًا.

لقد جرّب الوعود، وذاق مرارة الشعارات التي تحولت إلى أدوات للنهب والسيطرة، ورأى بأمّ عينيه كيف تحول مشروع “استعادة الدولة” إلى مشروع “استعادة المناصب والثروات” بيد قلة متنفذة تدير الجنوب بعقلية الغنيمة لا بعقلية الدولة.


إن ما يقوم به المجلس الانتقالي من توزيعٍ للأدوار بين الصقر والحمامة داخل قيادته، ما هو إلا مسرحية سياسية لإيهام الناس أن هناك تجديدًا داخليًا، بينما في الواقع لا يتغير شيء سوى الأسماء والوجوه.

فمن تسبب في الأزمة لا يمكن أن يكون هو من يصنع الحل، ومن خان ثقة الجماهير لا يمكن أن يستعيدها بخطابٍ عاطفي أو بكاءٍ متأخر على أطلال الجنوب المنهوب.


المجلس الانتقالي اليوم في لحظة الحقيقة؛

إما أن يواجه نفسه بشجاعة، ويقرّ أنه فشل في إدارة الجنوب سياسياً واقتصادياً وأمنياً، ويسلّم بضرورة التغيير الجذري من خارج منظومته،من خلال الانتقال السلمي للسلطه وتداول السلميه للسلطه لمن يختارهم الشعب

أو أن يستمر في لعبته القديمة، فيخسر ما تبقى من رصيده الشعبي إلى الأبد.


لقد سقطت الأقنعة، وانكشفت الحيل، والشعوب لا تُخدع مرتين.

فمن يظن أنه قادر على خداع الناس بذات الأدوات التي استخدمها لقهرهم، يجهل أن الوعي الشعبي حين يولد لا يعود إلى نومه أبداً.