منذ عام 2018م يعيش أساتذة الجامعات الحكومية في اليمن حالة من التهميش الصامت بعد أن تم إيقاف الترقيات المالية للبروفيسورات بحجج غير منطقية، رغم أن قيمة تلك الترقيات لا تتجاوز ثلاثين ألف ريال فقط!
سنوات طويلة من الجهد والبحث العلمي والالتزام الأكاديمي لا تقابل سوى بقرار إداري جامد يوقف مستحقاتهم، وكأن منجزهم العلمي لا يعني شيئًا، فالأستاذ الجامعي، بعد حصوله على الدكتوراه، يبذل جهداً كبيراً في إعداد ونشر أبحاث علمية محكمة داخلياً وخارجياً، ويدفع من جيبه الخاص رسوم التحكيم العلمية بالريال والدولار، حتى يحصل – بعد خمس سنوات على الأقل – على لقب أستاذ مشارك (مساعد بروفيسور)، ثم يواصل مشواره العلمي ليصل إلى أعلى الدرجات الأكاديمية (بروفيسور).
ورغم استيفائه لكل الشروط العلمية واللوائح الجامعية وحصوله على فتوى رسمية من الخدمة المدنية تثبت لقبه، يفاجأ الأستاذ الجامعي بأن ملفه المالي متوقف في وزارة المالية، والسبب ذاته منذ سبع سنوات: “الترقيات موقفة”!
هذا الواقع المؤلم تسبب في إحباط واسع داخل الوسط الأكاديمي، وتراجع الحماس نحو البحث العلمي الذي يعد الركيزة الأساسية في تطور الجامعات ورفعة المجتمع، فكيف يطالب الأستاذ بالإنتاج العلمي والإبداع، وهو لا يجد من الدولة أبسط أشكال التقدير!؟
مع مطلع هذا العام، أصدر دولة رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد عوض بن مبارك توجيهًا واضحًا بإطلاق الترقيات المالية لأساتذة الجامعات، وتبعه رئيس الوزراء الحالي بتأكيد القرار، إلا أن التنفيذ ما يزال معلقاً حتى اليوم، بينما تصرف بالعملة الصعبة اعتمادات وإعاشات لمن هم في الخارج!
إن استمرار هذا الوضع يهدد بتجميد النشاط البحثي في الجامعات، ويؤدي إلى ركود علمي خطير ينعكس مباشرة على جودة التعليم ومخرجاته.
من هنا، نرفع صوتنا عالياً إلى المجلس الرئاسي والحكومة ووزارتي المالية والتعليم العالي ورؤساء الجامعات بضرورة التحرك العاجل لإطلاق الترقيات المالية المستحقة لأساتذة الجامعات، فهؤلاء هم عقول الوطن وركيزة نهوضه، ولا يليق أن تهمل حقوقهم بهذه الصورة المؤلمة.
العلم لا يزدهر إلا حين يكرم حملته، والأوطان لا تبنى إلا على أكتاف من يزرعون المعرفة في عقول الأجيال.
*أستاذ مشارك د. غسان ناصر عبادي*