آخر تحديث :Sun-26 Oct 2025-12:15AM

ميناء عدن.. فرصة تضيع بين سوء الإدارة وغياب الرؤية الاقتصادية

الجمعة - 24 أكتوبر 2025 - الساعة 05:07 م
محضار الأقطع

بقلم: محضار الأقطع
- ارشيف الكاتب


في الوقت الذي تخضع فيه مناطق سيطرة جماعة الحوثي لحصار بحري دولي، كان يُفترض أن تتحول مدينة عدن وميناؤها إلى الشريان التجاري والاقتصادي الأهم في اليمن، وبوابة عبور رئيسية لكل احتياجات المواطنين في الشمال والجنوب على حد سواء. فالمجتمع الدولي الذي يفرض الرقابة على الموانئ اليمنية يتحمل مسؤولية إنسانية في ضمان تدفق السلع الغذائية والطبية والضرورية، وكان من الطبيعي أن يُفتح الطريق البري بين ميناء عدن ومناطق سيطرة الحوثيين لتسهيل حركة التجارة وإنقاذ ملايين اليمنيين من الجوع والمرض.


لكن ما حدث هو العكس تمامًا. فبدلًا من استغلال هذه الفرصة التاريخية لاستعادة عدن مكانتها كميناء استراتيجي محوري، تحوّل الميناء إلى منطقة ازدحام خانق للبضائع والحاويات بسبب قرارات غير مدروسة اتخذها البنك المركزي في عدن، تقضي بعدم السماح باستيراد أي بضاعة إلا عبر تحويل بنكي رسمي. هذا القرار شلّ حركة التجارة وأوقف آلاف الأطنان من السلع في رصيف الميناء، حتى تجاوز عدد الحاويات المكدسة أكثر من عشرة آلاف حاوية، فيما تنتظر السفن في عرض البحر لأيام طويلة لتفريغ حمولتها.


هذه الفوضى في الإدارة تُهدد بخسارة عدن لموقعها التجاري لصالح موانئ أخرى مثل المخا أو حتى الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين التي قد تُفتح مستقبلًا بإشراف دولي، ما سيعني ضياع آخر مصدر دخل حقيقي يمكن أن يُنعش اقتصاد المدينة. فحين يُعجز المستثمر عن تخليص بضاعته أو يتعرض لسلسلة من الإجراءات البيروقراطية والجبايات غير القانونية، فإنه ببساطة سيبحث عن بديل أقل كلفة وأكثر استقرارًا.


ما يجري اليوم ليس مجرد أزمة لوجستية، بل كارثة اقتصادية تهدد بقطع الشريان التجاري لليمن بأكمله، وتضع علامات استفهام كبرى حول غياب العقلية الاقتصادية في إدارة أهم موانئ البلاد. كان على إدارة الميناء والبنك المركزي أن يعملا بانسجام لتسهيل دخول البضائع، لا أن يتحولا إلى عائق بيروقراطي يخنق حركة التجارة.


إن استمرار هذا التعطيل سيجعل المنظمات الدولية والإنسانية تُعيد النظر في آليات نقل المساعدات، وقد تضطر للبحث عن منافذ بديلة لتوصيل الغذاء والدواء، وهو ما يعني أن عدن ستخسر دورها كميناء محوري ومصدر دخل وطني لصالح موانئ أخرى.


وعليه، فإن الرسالة الواضحة لكل من يهمه أمر عدن ومصيرها الاقتصادي هي:

سهّلوا انسياب البضائع، أوقفوا الجبايات غير القانونية، واسمحوا بمرور التجارة عبر الطرق البرية. فالميناء ليس مجرد منشأة حكومية، بل روح المدينة ومصدر رزق آلاف الأسر.


اللهم إني بلغت،

اللهم فاشهد.


محضار لقطع