تمرّ اليمن (جنوبا وشمالا) اليوم بمرحلة دقيقة من تاريخها السياسي، مرحلة تتطلب من جميع القوى الوطنية إدراك حجم التحولات التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية، وفهم طبيعة التوازنات الجديدة التي تُرسم في المنطقة.
لقد تغيّرت الظروف، وتبدلت موازين القوى، ولم يعد الانتظار أو الرهان على سقوط الآخر طريقًا لبناء المستقبل. فالقوى الجديدة التي تبسط نفوذها على الأرض باتت حقيقة لا يمكن تجاهلها، ومن هنا تبرز الحاجة إلى خارطة طريق للسلام تنطلق من الواقع وتستند إلى مبدأ السيادة الوطنية فوق كل اعتبار.
إن القوى الإقليمية والدولية اليوم تتجه بوضوح نحو إغلاق ملف الحرب في اليمن، مع الحرص على ضمان مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. وفي المقابل، فإن المستقبل اليمني لن يُبنى على التبعية أو الانتظار، بل على الشراكة والاعتراف بالآخر، وعلى إرادة وطنية صادقة تعيد لليمن مكانته ودوره الطبيعي.
أما أولئك الذين يحكمون في الظلام ويتشدّقون بحب الوطن فيما هم يذبحونه كل يوم، فهم من يسعون لإبقاء البلاد رهينة لمصالح ضيقة وأوهام بالية. فالوطن لا يمكن أن ينهض إلا حين يعلو صوت العقل والحوار على صوت السلاح والمكايدات.
لقد آن الأوان لأن ندرك جميعًا أن الخروج الآمن من الأزمة مسؤولية وطنية مشتركة، وأن السيادة الوطنية ليست شعارًا يُرفع، بل ممارسة فعلية تتجلى في القرار الحر، والاصطفاف الصادق خلف مصلحة اليمن أولاً